وقد نشرت إحدى الصحف مؤخراً خبراً مؤداه أن بعض تجار المخدرات في مصر طوَّروا أسلوباً جديداً لتقديم المخدرات في "الغرزة" باستخدام القرد. فالأسلوب التقليدي هو أن يمر الغرزجي (أي الشخص الذي يخدم داخل الغرزة)"بالجوزة" على جماعة المدمنين. والغرزجية جماعة وظيفية لها شعائرها وسماتها المحددة، فهم يقضون معظم ساعات اليوم في محل عملهم، أي أن الجيتو الخاص بهم هو مكان الإقامة والعمل في آن واحد. وتأخذ عملية العزل في حالتهم وضعاً بيولوجياً متطرفاً، إذ لابد لهم أن يتناولوا طاجناً يحتوي على قطع كبيرة من اللحوم مخلوطة بالخضر في مزيج من بقايا الحشيش. ومهمة هذا الطاجن هو إطعامهم، مثلهم في ذلك مثل البشر كافة، إلا أنه يزودهم بما يكفيهم من المخدر حتى لا يكونوا في حاجة إلى المشاركة في التدخين، فالطعام الذي يتناولونه له جانبه الفسيولوجي الواضح، ولكنه إلى جانب هذا يرمز إلى ناحية شعائرية ورمزية. فالطاجن يعني التضامن (وأكل العيش والملح) ويُقوِّي الأواصر بين أعضاء الجماعة الوظيفية. وهو يعني أيضاً إدمانهم هذا الطعام واعتمادهم الكامل عليه وضمان استمرارهم كجماعة وظيفية. فالطعام هنا بديل الوطن الأصلي (أو صهيون) ، فهو يفكِّك الأواصر التي تربط عضو الجماعة الوظيفية مع المجتمع المضيف ويُقوِّي صلاته مع أعضاء جماعته. وهو يشبه الطعام الشرعي عند اليهود الذي يجعل تناول الطعام مع الآخر أمراً شبه مستحيل تقريباً، ولذا تزداد غربة اليهودي عن المجتمع ويزداد ارتباطه بجماعته. والطاجن يشبه أيضاً عملية الخصي والمرتبات المرتفعة التي يتقاضاها بعض مثقفي العالم الثالث من المنظمات الدولية أو الدول الأجنبية أو النظم الحاكمة، فهذه المرتبات تمكِّنهم من العيش حسب أسلوب حياة معينة لا يمكنهم الاستغناء عنه (فهو كالطاجن الذي يدمنه الغرزجي) وبعد قليل يفقد هؤلاء الإرادة الحرة المستقلة (أي أنها عملية تشبه الخصي تماماً) فيعتمدون اعتماداً