ولتلافي هذا الوضع، قام بعض تجار المخدرات من أصحاب الغرز بتدريب القرود على وظيفة الغرزجية بدلاً من البشر، وقد توصلوا بهذا إلى أداة كاملة ليست لها أية تطلعات إنسانية أو نقائص بشرية، فالقرود (عادةً) لا تتعاطى الحشيش ولا تدمنه، كما أنها ليست في حاجة إلى الطاجن الخاص ولا تتقاضى أجوراً، ومن ثم فإن تكاليفها بسيطة. وإلى جانب كل هذا، نجد أن القردة تلزم نفس المكان/الجيتو بطبيعتها ولا تُوجَد عندها رغبة في مغادرته لإنفاق مدخراتها وتبديد ذاتها. بل تم تدريبها على القيام بأعمال الري في زراعة المخدرات، بينما يتفرغ العنصر البشري لأعمال الحراسة التي قد تتطلب قدراً أعلى من الذكاء. واستخدام القرود كجماعة وظيفية يبيِّن مدى ذكاء تجار المخدرات وإدراكهم الغريزي لقانون الجماعة الوظيفية إذ أن القرد كائن ذو بُعد واحد، يمكن توظيفه من أجل المنفعة الاقتصادية (وهو يتجاوز تماماً مبدأ اللذة الذي يسبب التوترات في المجتمعات العلمانية ويضعف تماسكها) . والقرد إنسان وظيفي طبيعي ومادة محايدة تماماً ولا تؤرقه تطلعات أو محاولة لتجاوز ذاته المادية أو الطبيعة/المادة، فهو يعيش في المادة وبها وعليها، ومن ثم فهو تحقيق كامل لنبوءة داروين وتحقيق لنبوءة فيبر عن دخول القفص الحديدي (وهو يكاد يكون حرفياً في هذه الحالة، وإن كان مثل هذا النوع من القردة لا يكون في حاجة إلى القفص الحديدي إذ تم استئناسهم وترشيدهم تماماً في ضوء الطبيعة/المادة من الداخل والخارج) . وإن قبلنا اعتبار القرود جماعة وظيفية (مرتبطة ولا شك بصناعات اللذة الحديثة) ، فيمكننا أن نضمها لمتصلنا. وبدلاً من العبد والمجاهد كطرفين، يمكن لنا أن نضع القرد والمجاهد أي الحوسلة الكاملة متمثلة في الحيوان الذي هو ضرب من ضروب الإنسان الطبيعي الوظيفي المادي الاقتصادي الآلي مقابل الإرادة الكاملة والإنسان الرباني متمثلةً في المجاهد.