للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن مع تأسيس الدولة تمزقت الواحدية العضوية، فيهود الدياسبورا أصروا على أنهم هم أيضاً موضع الحلول، ويهود أمريكا بالذات كانوا يرون أن أرض الميعاد العلمانية الحقيقية هي الولايات المتحدة الأمريكية. وفي داخل إسرائيل نفسها نشب الصراع بين الإشكناز والسفارد إذ أن الإشكناز كانوا يرون أن المطلق الصهيوني يعبِّر عن نفسه من خلالهم وحدهم، فاليهودي هو الإشكنازي أما اليهودي السفاردي فهو مجرد صدى أو صورة باهتة. ثم بيَّن الصهاينة الدينيون أن اللوجوس الصهيوني ليس هو الفولك وحسب ولا هو الدولة وإنما هو الإله متجسداً في كل من الشعب والدولة، فبدلاً من حلولية بدون إله على طريقة العلمانيين، بعثوا مرة أخرى حلولية شحوب الإله التقليدية، حيث يحل الإله في الأشياء ويذوب فيها ويتوحد معها، ومع هذا يظل محتفظاً باسمه.

وقد جفت مصادر المادة البشرية اليهودية وهذا يُعَد كارثة بالنسبة لمجتمع استيطاني يعرف أن من أهم أسباب ضمور ممالك الفرنجة وموتها هو عدم تدفُّق المادة البشرية الفرنجية عليها. وجفاف المادة البشرية يعني أيضاً تداعي الدور القتالي لدولة وظيفتها الأساسية هي القتال المستمر وبدونه قد تختفي في لحظات (انظر الباب المعنون «أزمة الصهيونية» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>