«الشرعية» هي حالة الصلاحية والقبول التي يتمتع بها أفراد النخبة الحاكمة والمنظمات والحركات والنظم السياسية والتي تخوِّل لهؤلاء السلطة. ومن ثم، فإن الشرعية الصهيونية هي حالة الصلاحية والقبول التي تدعيها لنفسها الحركة الصهيونية. وتجابه النظم السياسية كافة مشكلة الشرعية تجاه جماهير التشكيل السياسي الذي تحكمه هذه النظم، أما النظم الاستيطانية فهي تجابه مشكلة الشرعية على مستويين: مستوى العنصر السكاني الوافد، ومستوى السكان الأصليين.
والوضع في حالة الدولة الوظيفية الصهيونية أكثر تركيباً إذ أن هذه الدولة تستمد شرعيتها كدولة صهيونية من مصادر ثلاثة:
١ ـ الإمبريالية الغربية: باعتبارها القوة التي أسَّست الدولة الصهيونية كي تكون دولة تضطلع بوظيفة الدفاع عن مصالح العالم الغربي في المنطقة.
٢ ـ أعضاء الجماعات اليهودية في العالم: باعتبارهم القوة التي تدعم المُستوطَن الصهيوني وتمارس الضغط من أجله، على أن تضطلع الدولة الصهيونية بوظيفة حماية هويتهم وتنميتها على شرط ألا تتدخل في شئونهم وألا تتسبب في وضع ولائهم لأوطانهم موضع الشك.
٣ ـ المستوطنون الصهاينة: باعتبارهم مواطني الدولة الصهيونية الذين يطلبون من دولتهم أن تضطلع بوظيفة توفير الأمن والخدمات لهم كما هو الحال مع كل الدول.
ولكن إذا كانت الدولة الصهيونية تستمد شرعيتها الصهيونية من هذه القطاعات الثلاثة وتحافظ عليها بمقدار أدائها لوظائفها، فإن ثمة مستوى آخر مختلفاً تماماً يقع خارج نطاق هذه الشرعية هو شرعية الوجود. فالدولة الصهيونية قد أُسِّست على أرض الفلسطينيين، وهي لا تلتزم تجاههم بأي شيء، فكل همها أن تغيِّبهم تماماً حتى لا يهتز أساس وجودها نفسه.