للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خارج دائرة القداسة. إن الرؤية الحلولية الكمونية تحل لأعضاء الجماعة الوظيفية إشكاليات عاطفية ومعرفية عميقة وتُعقلن وضعهم كعنصر بشري منبوذ متحوسل، فهي رؤية تجعلهم أو تجعل جماعتهم (الوظيفية) أو وظيفتهم موضع قداسة خاصة وكامنة فيهم، بل ركيزة نهائية في الكون. كما أنها تفسر لهم تَحوْسلهم وتَحوُّلهم إلى أداة، فقداستهم هي سبب تَحْوسلهم (تماماً كما أن عملية النبذ هي إحدى علامات الاختيار في اليهودية التي يعاني منها الشعب العضوي المختار وحده دون غيره من الشعوب غير المختارة غير المقدَّسة غير المنبوذة) ، وهي تفسر أيضاً وجودهم في المجتمعات الإنسانية (المادية) وعدم انتمائهم لها، فهم ينتمون إلى الشعب الوظيفي المقدَّس وحسب. فأعضاء الجماعة الوظيفية يجعلون أنفسهم موضع قداسة خاصة، أما أعضاء المجتمع المضيف فهم محرومون تماماً من القداسة، فهم مادة صرف، يعيشون في وحدة وجود مادية دون إله.

ويمكننا الآن أن ننظر للسمات الأساسية للجماعة الوظيفية (كما حددناها في المدخل السابق) ، ولعلاقتها بالحلولية الكمونية، وكيف أن القداسة التي تسري في الوظيفة رسَّخت السمات الأساسية للجماعة الوظيفية وجعلت عضو الجماعة الوظيفية قادراً على أن يلعب دوره:

١ ـ التعاقدية (والنفعية والحيادية والترشيد والحوسلة (

أشرنا إلى أن الوظيفة تصبح المبدأ الواحد المطلق والمرجعية والركيزة النهائية التي تستند إليه الحلولية الكمونية الوظيفية.

أ) المبدأ الواحد قوة لا متعينة لا تكترث بالتمايز الفردي، أي أنها تختزل الجماعة الوظيفية إلى مستوى واحد أو وظيفة واحدة؛ هي مجرد وسيلة وليست غاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>