ثمة اتفاق على أن أهم أشكال الجماعات الوظيفية في القرن العشرين هو جماعات المهاجرين الذين يتركزون في وظائف بعينها دون غيرها ويتخصصون فيها ثم يحتكرونها. وموقف المجتمع منهم لا يختلف كثيراً عن موقف المجتمع التقليدي من جماعات الغرباء المتعاقدين. ولكن لابد من الإشارة إلى أن وضع هذه الجماعات من المهاجرين يتسم بالسيولة إذ أن الدولة القومية الحديثة تحاول دمجهم ولا تُوصد دونهم باب أية وظائف. كما أن مؤسسات الدولة متغلغلة في كل مجالات المجتمع، ولذا فإنهم إما أن يختفوا تماماً أو تبقى أصداء باهتة لأصولهم الإثنية والوظيفية كما حدث لكثير من جماعات المهاجرين في الولايات المتحدة، مثل الأيرلنديين واليهود واليابانيين.
ومع هذا، تُوجَد جماعات من المهاجرين يحاول المجتمع أن يعطيها صفة المقيم الدائم المؤقت ولا يطلب ولاءها، بل يبذل قصارى جهده لعزلها وتحويلها إلى جماعة وظيفية على الطريقة التقليدية. ومن أهم الجماعات الوظيفية التي تتبع هذا النمط المهاجرون من العالم الثالث الذين يقومون ببعض الأعمال المشينة التي تُسمَّى «العمل الأسود» في أوربا، مثل: جمع القمامة أو بيع الجرائد أو غير ذلك من المهن. وهي أعمال أساسية، ولكن المجتمعات الأوربية تكون مضطرة لاستيراد بعض العناصر البشرية الأجنبية للاضطلاع بها نظراً لأن العناصر المحلية تعاف القيام بها إما لضعف المردود المالي أو لأن المجتمع يعتبرها مشينة لسبب أو آخر.