وإذا نظرنا إلى عبارة «المادية اليهودية» بالمعنى الفلسفي، فإننا سنواجه صعوبات بالغة، فاليهودية عقيدة دينية يؤمن كثير من أتباعها بالإله واليوم الآخر والملائكة والشياطين والثواب والعقاب، ومن ثم لا يمكن الحديث عن المادية اليهودية بهذا المعنى. ومع هذا، يمكن من قبيل التحفظ أن نقول إن الطبقة الحلولية الكمونية داخل التركيب الجيولوجي اليهودي التراكمي تتبدَّى (في مرحلة وحدة الوجود) في شكل رؤية مادية، كما أنها تخلق لدى المؤمن تَقبُّلاً للفكر المادي بالمعنى الفلسفي. ولعل هذا يفسر ظهور النزعات المشيحانية التي عادةً ما تصبح حركات عدمية بالمعنى الفلسفي، كما يفسر ظهور كثير من الفلاسفة الماديين من أصل يهودي (من أهمهم إسبينوزا وماركس) .
ويمكننا الآن تَناوُل عبارة «المادية اليهودية» بالمعنى الدارج. وهنا أيضاً لا يمكننا أن نتحدث عن أعضاء الجماعات اليهودية المختلفة في كل زمان ومكان باعتبار أنهم محبون للمال حباً جماً. ومثل هذه المقولات التحليلية معادية لليهود وصهيونية في آن واحد لأنها تفترض وجود جوهر يهودي واحد لا يتغيَّر بتَغيُّر الزمان والمكان.