لقد حوَّل ماركس الكينونة اليهودية إلى وظيفة، ومن ثم يمكننا الحديث عن "التاجر" و"اليهودي" باعتباره «الإنسان الوظيفي» . والسمات الأساسية لهذا التاجر/اليهودي/الوظيفي هي أنه إنسان مجرد، يوجد خارج إطار العلاقات الأولية المُتعيِّنة، ويدخل في علاقة تعاقدية محايدة وباردة مع أعضاء المجتمع، وتم تعريفه في إطار وظيفته أو دوره الوظيفي لا في إطار إنسانيته المُتعيِّنة، أي أنه إنسان ذو بُعد واحد، مُتشيِّئ، مُتسلِّع، لا قداسة له، يدور في إطار المرجعية النهائية المادية وفي إطار نموذج الطبيعة/المادة (وهذه هي السمات الأساسية لعضو الجماعة الوظيفية) . ومن ثم، فإن تهويد المجتمع يعني في واقع الأمر تحويل كل أعضاء المجتمع إلى مادة بشرية تُوظَّف وتحوسل، وتعني سيادة النظم المعرفية والاقتصادية البورجوازية إحلال المجتمع التعاقدي الذري المُفتَّت المبني على الأنانية (جيسيلشافت) محل المجتمع العضوي المترابط التقليدي (جماينشافت) .
وقد قام ماركس بعملية التعميم الكاسحة هذه وهو واع لها تمام الوعي، ولذا فهو كان يتحدث عن «تهويد المجتمع» باعتباره مجازاً كاشفاً، وليس باعتباره حقيقة إمبريقية. فماركس لم يكن يُفكر في اليهودي وإنما في الإنسان الوظيفي، أي الإنسان الذي يتوحَّد تماماً مع وظيفته ويفقد إنسانيته وينظر للآخرين باعتبارهم وظيفة (مصدر ربح - مصدر متعة) فيفقدهم إنسانيتهم المركبة.