وقد أكد الصهاينة والنازيون عدم انتماء أعضاء الجماعات اليهودية إلى التشكيلات الحضارية أو القومية التي يتواجدون فيها مفترضين أن ثمة انتماءً يهودياً خالصاً. وأكد البرنامج السياسي الصهيوني وجود مثل هذا الانتماء. ولكن السلوك الفعلي ليهود أمريكا، على سبيل المثال، يبين أنهم ينتمون إلى وطنهم الأمريكي، ومن ثم لا يهاجر منهم إلى إسرائيل إلا نسبة ضئيلة جداً. وكذلك، فإن انتماء يهود الاتحاد السوفيتي (سابقاً) كان انتماءً إلى مصالحهم الاقتصادية أو السياسية. ولذلك، فإنهم يحاولون الهجرة إلى الولايات المتحدة ولا يتوجهون إلى إسرائيل إلا عند الاضطرار. كما أن تَفجُّر قضية الهوية داخل إسرائيل يبين أن لليهود انتماءات مختلفة وليس انتماءً يهودياً واحداً. وترتبط قضية ازدواج الولاء بقضية الانتماء اليهودي، إذ أن من يؤمن بأن اليهود لا انتماء لهم لابد أن ينظر إلى اليهود بعين الشك ويرى أن ولاءهم لأوطانهم أمر مستحيل، أو يرى على الأقل حتمية ازدواج هذا الولاء، باعتبار أن ولاءهم اليهودي شيء راسخ متأصل.
ويحاول الصهاينة في الوقت الحاضر أن يُعرِّفوا انتماء اليهود تعريفاً جديداً يتفق مع واقعهم كجماعات تعيش خارج فلسطين وترفض الهجرة. ومن ثم، أصبح الانتماء السياسي والاقتصادي لليهودي إلى وطنه الفعلي، أما انتماؤه الديني والثقافي فلوطنه المثالي أو الوهمي، أي الدولة الصهيونية. وبهذا، لا تصبح الترجمة العملية للبرنامج الصهيوني الهجرة إلى فلسطين المحتلة وإنما تعميق الأبعاد اليهودية الإثنية للهوية، وهو ما يُسمَّى «صهيونية الدياسبورا» أو «الصهيونية الإثنية» .