الحسيدية. وقد يكون هذا أمراً صحيحاً، ولكن شاجال يظل نتاج الحركات الفنية في أوربا في القرن العشرين، وبخاصة في روسيا وفرنسا. وقد تكون لبعض لوحاته نكهة حسيدية، خصوصاً أنها تعالج موضوعات يهودية مثل التوراة والحاخام، ولكنها تظل مع هذا لوحات رسمها فنان روسي فرنسي متأثر وبعمق بالتراث المسيحي!
وإذا ما تركنا مجال الفنون والإنسانيات، يصبح الحديث عن العبقرية اليهودية عبثاً وهراء لا طائل من ورائه. فبأي معنى يمكننا أن نقول إن نظرية النسبية قد تَوصَّل إليها أينشتاين من خلال عبقريته اليهودية، وكأن أينشتاين كان من الممكن أن يصل إلى ما وصل إليه من اكتشافات باهرة دون جهود من سبقه من علماء مسيحيين وبوذيين؟ وهل كان من الممكن أن يصل إلى ما وصل إليه من اكتشافات دون وجوده داخل الحضارة الغربية الحديثة؟ وإلا فبماذا نفسر عدم ظهور علماء طبيعة متفوقين تَفوُّق أينشتاين بين يهود الفلاشاه الإثيوبيين؟
ويُلاحَظ أن نسبة المتعلمين والمخترعين بين أعضاء الجماعات اليهودية في العالم الغربي مرتفعة. ولكن هذا أمر طبيعي وينطبق على كل أعضاء الأقليات في أي مكان حينما تتاح أمامهم الفرصة. لكن أعضاء الأقلية يخضعون، مع ذلك، في معظم الأحيان إن لم يكن كلها، لدرجة تَقدُّم وتَخلُّف المجتمع الذي يعيشون بين ظهرانيه، فإن تَقدَّم تَقدَّموا وإن تخلف صاروا متخلفين. ولذا لم يكن هناك عباقرة يهود بين العرب إبَّان فترات الانحلال في الحضارة العربية حين أُغْلقَت فيها الحلقات الفقهية والمدارس التلمودية العليا في العراق بسبب انتكاس الحضارة العربية، بينما ازدهر الفكر العربي اليهودي في الأندلس بسبب ازدهارها.