للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَزْعُمُونَ أَنَّ الرُّوحَ الَّذِي فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ رُوحُ اللَّهِ مِنْ ذَاتِ اللَّهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ أَمْرًا دَخَلَ فِي بَعْضِ خَلْقِهِ فَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهِ فَيَأْمُرُ بِمَا يَشَاءُ وَيَنْهَى عَمَّا يَشَاءُ وَهُوَ رُوحٌ غَائِبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ، فَاسْتَدْرَكَ الْجَهْمُ حَجَّةً مِثْلَ هَذِهِ الْحِجَّةِ فَقَالَ لِلسُّمَنِيِّ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ فِيكَ رُوحًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ رَأَيْتَ رُوحَكَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ فَهَلْ سَمِعْتَ كَلَامَهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتَ لَهُ مِجَسًّا أَوْ حِسًّا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَكَذَلِكَ اللَّهُ لَا يُرَى لَهُ وَجْهٌ وَلَا يُسْمَعُ لَهُ صَوَّتٌ وَلَا يُشُمُّ لَهُ رَائِحَةٌ وَهُوَ غَائِبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، وَوَجَدَ ثَلَاثَ آيَاتٍ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: ٣] {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] فَبَنَى أَصْلَ كَلَامِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ وَتَأَوَّلَ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، وَكَذَّبَ أَحَادِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَزَعَمَ أَنَّ مَنْ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِشَيْءٍ مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابٍ أَوْ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَافِرًا أَوْ كَانَ مِنَ الْمُشَبِّهَةِ. فَأَضَلَّ بَشَرًا كَثِيرًا وَتَبِعَهُ عَلَى قَوْلِهِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَأَصْحَابِ فُلَانٍ وَوَضَعَ دِينَ الْجَهْمِيَّةِ فَإِذَا سَأَلَهُمُ النَّاسُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] مَا تَفْسِيرُهُ؟ يَقُولُونَ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ كَمَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ لَا

<<  <   >  >>