للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ وَلَا هُوَ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يُكَلِّمُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ أَحَدٌ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُوَصَفُ، وَلَا يُعْرَفُ بِصِفَةٍ، وَلَا يُعْقَلُ وَلَا لَهُ غَايَةٌ وَلَا مُنْتَهًى وَلَا يُدْرَكُ بِعَقْلٍ وَهُوَ وَجْهٌ كُلُّهُ وَهُوَ عِلْمٌ كُلُّهُ وَهُوَ سَمْعٌ كُلُّهُ وَهُوَ بَصَرٌ كُلُّهُ وَهُوَ نُورٌ كُلُّهُ وَهُوَ قُدْرَةٌ كُلُّهُ لَا يُوصَفُ بِوَصْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَلَا مَعْقُولٍ وَكُلُّ مَا يَخْطُرُ بِقَلْبِكَ أَنَّهُ شَيْءٌ تَعْرِفُهُ فَهُوَ عَلَى خِلَافِهِ فَقُلْنَا لَهُمْ فَمَنْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: نَعْبُدُ مَنْ يُدَبِّرُ أَمْرَ هَذَا الْخَلْقِ. قُلْنَا: فَالَّذِي يُدَبِّرُ أَمْرَ هَذَا الْخَلْقِ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ بِصَفِّهٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قُلْنَا: قَدْ عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّكُمْ لَا تُثْبِتُونَ شَيْئًا إِنَّمَا تَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمُ الشُّنْعَةَ بِمَا تُظْهِرُونَ، ثُمَّ قُلْنَا لَهُمْ: هَذَا الَّذِي يُدَبِّرُ هُوَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى؟ قَالُوا: لَمْ يُكَلِّمْ وَلَا يَتَكَلَّمُ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِجَارِحَةٍ وَالْجَوَارِحُ مَنْفِيَّةٌ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَإِذَا سَمِعَ الْجَاهِلُ قَوْلَهُمْ ظَنَّ أَنَّهُمْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى ضَلَالَةٍ وَكُفْرٍ فَلَعَنَهُمُ اللَّهُ، قَالَ الْخَلَّالُ: كَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ مِنْ خَطِّ عَبْدِ اللَّهِ وَكَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ خَطِّ أَبِيهِ. وَاحْتَجَّ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِهِ (إِبْطَالُ التَّأْوِيلِ) بِمَا نَقَلَهُ مِنْهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي كِتَابِهِ بَعْضَ مَا فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ، وَنَقَلَ

<<  <   >  >>