للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: ضربوه فجرى الدَّمُ على المُصْحَف على: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ١.

وَقَالَ عمران بْن حُدَيْر، إلّا يكن عبد الله بْن شقيق حدّثني: أنّ أوّل قطرةٍ قطرت من دمه على: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} فإنّ أبا حُرَيْث ذكر أنّه ذهب هو وسُهَيْلٌ المُرِّيّ، فأخرجوا إليه الْمُصْحَفَ، فإذا قطرة الدم على {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} قَالَ: فإنها في المُصْحَف مَا حُكَّتْ.

وَقَالَ محمد بْن عيسى بْن سُمَيْع عَنِ ابن أبي ذئب، عَنِ الزُّهْرِيّ: قلت لسعيد بْن المسيب: هل أنت مُخْبري كيف كان قتل عثمان؟ قَالَ: قُتِلَ مظلومًا، ومن خذله كان معذورًا، ومن قتله كان ظالمًا، وإنّه لمّا استُخْلف كره ذلك نفرٌ من الصحابة؛ لأنه كان يحب قومه ويولّيهم، فكان يكون منهم مَا تُنْكره الصَّحابة فيُسْتَعْتَبُ فيهم، فلا يعزِلُهُمّ، فلمّا كان في السّتّ الحِجَج الأواخر استأثر ببني عمّه فولّاهم وما أشرك معهم، فولّى عبد الله بْن أبي سَرْحٍ مصر، فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه. وقد كان قبل ذلك من عثمان هَنَاتٌ إلى ابن مسعود، وأبي ذَرّ وعمّار فحنق عليه قومُهم، وجاء المصريون يشكون ابن أبي سَرْح، فكتب إليه يتهدّده فأبى أن يقبل، وضرب بعضَ من أتاه ممّن شكاه فقتله.

فخرج من أهل مصر سبعمائة رجلٍ، فنزلوا المسجد، وشكوا إلى الصَّحابة مَا صنع ابن أبي سَرْح بهم، فقام طلْحة فكلَّم عثمان بكلامٍ شديد، وأرسلت إليه عائشة تقول له: أنصِفهم من عاملك، ودخل عليه عليّ، وكان متكلّم القوم فَقَالَ: إنّما يسألونك رجلًا مكان رجلٍ، وقد ادّعوا قِبَلَه دمًا، فاعزله، واقض بينهم، فَقَالَ: اختاروا رجلًا أُوَلِّه، فأشاروا عليه بمحمد بْن أبي بكر، فكتب عهده، وخرج معهم عددٌ من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وابن أبي سَرْح، فلمّا كان محمد على مسيرة ثلاث من المدينة، إذا هم بغلامٍ أسودٍ على بعيرٍ مسرِعًا، فسألوه، فَقَالَ: وجَّهني أميرُ المؤمنين إلى عامل مصر، فقالوا له: هذا عامل أهلِ مصر، وجاءوا به إلى محمد، وفتشوه فوجدوا إدواته تقلقل٢، فشقّوها، فإذا فيها كتاب من عثمان إلى محمد بن أبي سَرْح، فجمع محمد، من عنده من الصحابة،


١ سورة البقرة: ١٣٧.
٢ أي تحدث صوتا.