للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المجلد الحادي والثلاثون]

[الطبقة السابعة والأربعون]

[أحداث سنة إحدى وستين واربعمائة]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

[الطبقة السابعة والأربعون]

أحداث سنة إحدى وستين وأربعمائة:

حريق جامع دمشق:

في نصف شعبان حُرِقَ جَامِعِ دِمَشْقَ.

قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: كَانَ سَبَبُ احتراقه حرب وقع بَيْنَ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَشَارِقَةِ -يَعْنِي: الدَّوْلَةَ- فَضَرَبُوا دَارًا مُجَاوِرَةً لِلْجَامِعِ بِالنَّارِ فَاحَتْرَقَتْ، وَاتَّصَلَ الْحَرِيقُ إِلَى الْجَامِعِ١، وَكَانَتِ الْعَامَّةُ تُعِينُ الْمَغَارِبَةَ، فَتَرَكُوا الْقِتَالَ وَاشْتَغَلُوا بِإِطْفَاءِ النَّارِ، فَعَظُمَ الأَمْرُ، واشتدَّ الْخَطْبُ، وَأَتَى الْحَرِيقُ عَلَى الْجَامِعِ، فَدُثِرَتْ مَحَاسِنُهُ، وَزَالَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الأَعْمَالِ النَّفِيسَةِ، وتشوَّه مَنْظَرُهُ، وَاحْتَرَقَتْ سُقُوفُهُ المذهَّبة.

تغلُّب حِصْنُ الدَّوْلَةِ عَلَى دِمَشْقَ:

وَفِيهَا وَصَلَ حِصْنُ الدَّوْلَةِ مُعَلَّى بْنُ حَيْدَرَةَ الْكُتَامِيُّ إِلَى دِمَشْقَ، وَغَلَبَ عَلَيْهَا قَهْرًا مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ، بَلْ بِحِيَلٍ نمَّقها وَاخْتَلَقَهَا. وَذُكِرَ أَنَّ التَّقْلِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَافَاهُ، فصادر أهلها وبالغ وعاث، وزاد في الجَوْرِ إلى أن خربت أَعْمَالُ دِمَشْقَ، وَجَلا أَهْلُهَا عَنْهَا، وَتَرَكُوا أَمْلاكَهُمْ وَأَوْطَانَهُمْ، إِلَى أَنْ أَوْقَعَ اللَّهُ بَيْنَ الْعَسْكَرِيَّةِ الشَّحْنَاءَ٢ وَالْبَغْضَاءَ، فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، فَهَرَبَ إِلَى جِهَةِ بَانْيَاسَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، فَأَقَامَ بِهَا وَعُمَرُ الحمام وَغَيْرُهُ بِهَا، وَأَقَامَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِبْعِينَ بِهَا، فَنَزَحَ مِنْهَا إِلَى صُورَ خَوْفًا مِنْ عَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ.

ثُمَّ سَارَ مِنْ صُورَ إِلَى طَرَابُلْسَ، فَأَقَامَ عِنْدَ زَوْجِ أُخْتِهِ جَلالِ الْمُلْكِ بْنِ عَمَّارٍ مُدَّةً، ثُمَّ أُخِذَ مِنْهَا إِلَى مِصْرَ، وَأُهْلِك سَنَةَ ٤٨١، وَللَّهِ الْحَمْدُ٣.

وُصُولُ الرُّومِ إِلَى الثُّغُورِ:

وَفِيهَا أَقْبَلَتِ الرُّومُ من القسطنطينية ووصلت إلى الثغور.


١ "خبر صحيح": أورده ابن الأثير في الكامل في التاريخ "١٠/ ٥٩"، وانظر صحيح التوثيق "٧/ ٥٠٧، ٥٠٨".
٢ الشحناء: الحقد والعداوة.
٣ راجع: المنتظم "٨/ ٢٥٤، ٢٥٥"، والبداية والنهاية "١٢/ ٩٨"، والعبر "٣/ ٢٤٧"، وتهذيب تاريخ دمشق "٥/ ٢٤".