قدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفدُ بني عامر، فيهم: عامر بن الطفيل, وأربد بن قيس، وخالد بْن جَعْفَر، وحيّان بْن سَلَم، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم. فقدِم عامرُ عدوّ الله على رسول الله وهو يريد أنَّ يَغْدِر بِهِ, فقال لَهُ قومه: إنّ النّاس قد أسلموا, فقال: قد كنت آليْتُ أنَّ لَا أَنْتَهي حتّى تَتْبَع العربُ عَقِبي، فأنا أتبعُ عَقِبَ هذا الفتى من قريش؟ ثمّ قَالَ لأرْبَد: إذا قدِمنا عَلَيْهِ فإنّي شاغلٌ عنك وَجْهه، فإذا فعلتُ ذَلِكَ فاعْلُهُ بالسيف.
فلمّا قدِموا عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ عامر: يا مُحَمَّد، خَالِّني. فقال:"لَا والله، حتّى تؤمن بالله وحده". فقال: والله لأملأنّها عليك خَيْلًا ورِجَالًا. فلمّا ولّى قَالَ:"الَّلُهّم اكْفِني عامرًا". ثمّ قَالَ لأَربَد: أَيْنَ ما أمرتُكَ بِهِ؟ قَالَ: لَا أَبَا لَكَ، والله ما هممتُ بالذي أمرتني بِهِ من مرّةٍ إلّا دَخَلْتَ بيني وبينه، أَفَأَضْرِبُكَ بالسَّيف؟ فبعث اللَّه ببعض الطريق عَلَى عامر الطَّاعُون فِي عُنُقه، فقتله اللَّه فِي بيت امرأةٍ من سلول, وأما الآخر فأرسل اللَّه تعالى عَلَيْهِ وعلى جَمَله صاعقةً أَحْرَقَتْهما.