للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سرية عبد الله بن حذافة ابن قيس بن عدي السهمي، عمرة القضاء]

سَرِيَّةُ عَبْد الله بْن حُذَافَة بْن قيس بن عدي السهمي:

قال ابن جريج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] . نزلت فِي عَبْد الله بْن حُذَافَة السَّهْمِيّ، بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَرِيَّةٍ. أخْبَرَنيه يَعْلَى بْن مُسْلِم، عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أخرجه فِي الصّحيح١.

وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى سَرِيَّةٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ.

فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ، فَقَالَ: اجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا. وَأَمَرَهُمْ فَأَوْقَدُوهُ. ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تَسْمَعُوا لِي وَتُطِيعُوا؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَادْخُلُوهَا. فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّارِ. فَسَكَنَ غَضَبُهُ، وَطُفِئَتِ النَّارُ. فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: "لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا. إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ". أَخْرَجَاهُ٢.

وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وأوردنا الخلاف فيها.

عمرة القضاء:

روى نافع بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعيم، عَنْ نافع مولى ابن عُمَر قَالَ: كانت عُمْرة القضيّة فِي ذي القِعدة سنة سبعٍ.

وَقَالَ مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما رجع رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ خيبر، بعث سرايا وقام بالمدينة حتى استهلّ ذو القعدة. ثُمَّ نادى في الناس أن تجهزوا للعمرة فتجهَّزُوا، وخرجوا معه إلى مكة.

وقال ابن شهاب: ثُمَّ خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذي القِعدة حتى بلغ يَأْجَجَ٣, وضع الأداة كلها: الحَجَف والمَجَانّ٤ والرماح والنّبْل. ودخلوا بسلاح الراكب: السيوف. وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرًا بين يديه إلى ميمونة بِنْت الحارث بْن حَزْن العامريّة فخطبها عَلَيْهِ، فجعلت أمرَها إلى العبّاس؛ وكانت أختها تحته وهي أمّ الفضل فزوّجها العبّاس رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَلَمَّا قدم أمر أصحابه فقال: "اكشفوا عَنِ المناكب واسعوا فِي الطَّواف". ليرى المشركون جَلَدَهم وقوَّتهم، وكان يكايدهم بكل ما استطاع. فأخذ أهل مكة -الرجال والنّساء والصّبيان- ينظرون إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ وهم يطوفون بالبيت. وعبد الله بْن رواحة يرتجز بين يدي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- متوشحًا بالسيف يقول:


١ أخرجه البخاري "٤٥٨٤"، ومسلم "١٨٣٤" الإمارة.
٢ أخرجه البخاري "٨/ ١٩١"، ومسلم "١٨٣٤" الإمارة.
٣ يأجح: مكان من مكة على ثمانية أميال. "معجم البلدان" "٥/ ٤٢٤".
٤ المجن: الترس.