دخلت الخراسانية فغزوا بلد ابن مَسْلَمَة وخرجوا بالسلامة والغنائم، وتصدّر أهل نَصِيبّين إلى ناصر الدولة بمصادرة العمّال، فأزال ضررهم وردّ إليهم كثيرًا من أموالهم، حتى قيل: إنّه قال لهم: قد أبحت لكم دماء من ظلمكم.
عودة الخراسانية إلى بلادهم:
وفيها رجع غزاة خُراسان إلى بلادهم، ودخل سيف الدولة إلى حلب ومعه قوم من الخراسانية، ومعهم فيل، فمات الفيل بعد أيام، فاتّهموا أنّ النّصارى سمّته.
موت سيف الدولة:
ومات سيف الدولة في صفر، وبُعِثَ بتابوته إلى عند قبر أمّه. وكان تُقَى مولى سيف الدولة أكبر الأمراء، وكان قد أخذ من أنطاكية مالًا كثيرًا، حتى ضجّ الناس منه، وشكوه إلى قرغُوَيْه الحاجب نائب حلب، فاجتاز بعده عن الشام، فرفق به حتى جاء إلى حلب، ونفّذه مع التابوت المذكور في سبعمائة فارس وراجل، وقال له: أقِمْ بديار بكر، فإنّها مملكة مفتقرة إلى مثلك.
فأجمع رأي أبي المعالي بن سيف الدولة على المجيء إلى حلب فلمَّا وصل تُقي بالتابوت إلى ميَافارقين خرج أبو المعالي منها لتلقّيه، فصَعُب على تُقي كون القاضي وابن سهل الكاتب وابن حلبة لم يترجّلوا له، فلمّا نزل قبض عليهم، فاضطرب لذلك البلد، فجهّزت والدة أبي المعالي إلى كبار الغلمان ولاطفتهم، ففرَّقَتْهم عن تقي، قالوا: ما جئنا لنخرق بابن مولانا ولا لنقاتله، واجتمعوا على مخالفة تُقى، فلمَّا أحسّ بذلك سار في حاشيته إلى ناحية أَرْزن، فلم يمكنه عبور النهر لزيادته، فرجع وتذلّل، فقبض عليه أبو المعالي وقيّده واعتقله بحصن كافا، وأخذ منه سبعة وعشرين ألف دينار وثلاثمائة ألف درهم كانت معه.
تغلب يقبض على ملك أبيه:
وفيها: قبض على الملك ناصر الدولة بن حمدان ولدُهُ تغلب؛ لأن أخلاقه ساءت، وظلم وعسف وقتل جماعة، وشتم أولاده، وتزايد أمره، فقبض عليه ابنه