أحداث سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ:
تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ.
وَأَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، عَلَى الصَّحِيحِ.
وَفِيهَا جَمَعَ الرُّومُ جَمْعًا عَظِيمًا وَأَقْبَلُوا فَالْتَقَاهُمْ مُسْلِمَةُ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْخَلِيفَةِ الْوَلِيدِ، فَهَزَمَ اللَّهُ الرُّومَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، وَافْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ جُرْثُومَةَ وَطُوَّانَةَ١.
وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ التُّرْكُ وَمَعَهُمُ الصُّغْدُ وَأَهْلُ فَرْغَانَةَ، وَعَلَيْهِمُ ابْنُ أُخْتِ مَلِكِ الصِّينِ، وَيُقَالُ بَلَغَ جَمْعُهُمْ مِائَتَيْ أَلْفٍ، فَكَسَرَهُمْ قُتَيْبَةُ، وَكَانَتْ مَلْحَمَةً عَظِيمَةً.
وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وابن أخيه العباس، وتعبؤا بِقُرَى أَنْطَاكِيَةَ، ثُمَّ التقوا الرُّومَ وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَيُقَالُ إِنَّ فِيهَا شَرَعَ الْوَلِيدُ بِبِنَاءِ الْجَامِعِ وَكَانَ نِصْفُهُ كَنِيسَةً لِلنَّصَارَى، وَعَلَى ذَلِكَ صَالَحَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ لِلنَّصَارَى: إِنَّا قَدْ أَخَذْنَا كَنِيسَةَ تُومَا عَنْوَةً، يَعْنِي كَنِيسَةَ مريم فأنا أهدمها، وكانت أكبر من النِّصْفِ الَّذِي لَهُمْ، فَرَضُوا بِإِبْقَاءِ كَنِيسَةِ مَرْيَمَ، وَأُعْطُوا النِّصْفَ وَكَتَبَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَالْمِحْرَابُ الْكَبِيرُ هو كان باب الكنيسة، ومات الوليد وهم بَعْدُ فِي زَخْرَفَةِ بِنَاءِ الْجَامِعِ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ الْحَجَّارِينَ وَالْمُرَخِّمِينَ مِنَ الأَقْطَارِ، حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا قِيلَ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ مُرَخِّمٍ، وَغَرِمَ عَلَيْهَا قَنَاطِيرَ عَدِيدَةً مِنَ الذَّهَبِ، فَقِيلَ إِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ بَلَغَتْ سِتَّةَ آلافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَذَلِكَ مِائَةُ قنطارٍ وَأَرْبَعَةُ وَأَرْبَعُونَ قِنْطَارًا بِالْقِنْطَارِ الدِّمَشْقِيِّ.
وَفِيهَا أَمَرَ الْوَلِيدُ عَامِلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ عمر بن عبد العزيز ببناء مسجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ مِنْ جِهَاتِهِ الأَرْبَعِ، وَأَنْ يُعْطِيَ النَّاسَ ثَمَنَ الزِّيَادَاتِ شَاءُوا أَوْ أَبُوا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سعد: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ مَنَازِلَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ هَدَمَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَزَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ بُيُوتًا بِاللَّبِنِ، وَلَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ مطرورٌ بِالطِّينِ، عَدَدْتُ تِسْعَةَ أبياتٍ بِحُجَرِهَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي بَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: أَدْرَكْتُ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، عَلَى أَبْوَابِهَا الْمُسُوحُ مِنْ شعرٍ أَسْوَدَ، فَحَضَرْتُ كِتَابَ الْوَلِيدِ يُقْرَأُ بِإِدْخَالِ الْحُجَرِ فِي الْمَسْجِدِ، فَمَا رَأَيْتُ بَاكِيًا أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ
١ بلد بثغرر المصيصة.