للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَعْبِيُّ الْخُزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ الَّذِي قُتِلَ بِالْبَطْحَاءِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهُوَ أَخُو عَاتِكَةَ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج مِنْ مَكَّةَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَوْلًى لِأَبِي بِكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَدَلِيلُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأُريقط اللَّيْثِيُّ، فَمَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ، وَكَانَتْ بَرْزَةً١ جَلْدَةً٢ تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ، فَسَأَلُوهَا تَمْرًا وَلَحْمًا يَشْتَرُونَهُ مِنْهَا، فَلَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ٣، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ، فَقَالَ: "مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ"؟ قَالَتْ: شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: "هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ"؟ قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلُبَهَا"؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي وَأُمِّي، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلُبْهَا، فَدَعَا بِهَا، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا، وَسَمَّى اللَّهَ، وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا، فَتَفَاجَّتْ٤ عَلَيْهِ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ، فَحَلَبَ ثَجًّا٥ حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رُوِيَتْ، ثُمَّ سَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا، ثُمَّ شَرِبَ آخِرُهُمْ. ثُمَّ حَلَبَ ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ، حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا وَبَايَعَهَا، وَارْتَحَلُوا عَنْهَا.

فَقَلَّمَا لَبِثَتْ، حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ، يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزَالًا مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا أمّ معبد؟


١ برزة: عفيفة.
٢ جلدة: شديدة.
٣ أي نفد زادهم.
٤ تفاجت: فتحت بين رجليها.
٥ ثجًّا: منصبًا.