فيها سار أَتْسِز بجيوشه الشامية، وقصد مصر وحاصرها، ولم يبق إلا أن يملكها، فاجتمع أهلها عند ابن الجوهري الواعظ، ودعوا وتضرَّعوا، فترحَّل عنهم شبه المنهزم من غير سبب.
دخول أَتْسِز دمشق:
وعصى عليه أهلُ القدس فقاتلهم، ودخل البلد عنوة، فقتل وعمل كل نحس، وقتل بها ثلاثة آلاف نفس، وذبح القاضي والشهود صبرًا بين يديه.
وقيل: إنه إنما جاء من مصر منهزمًا في أنحس حالٍ بعد مصافٍ كان بينه وبين بدر الدين الجمالي، وهذا أشبه.
الفتنة بين القُشَيري والحنابلة:
وفيها قَدِمَ بغداد أبو نصر الأستاذ أبو القاسم القشيري، فوعظ بالنظامية، وبرباط شيخ الشيوخ، وجرى له فتنة كبيرة مع الحنابلة؛ لأنه تكلم على مذهب الأشعري، وحطَّ عليهم، وكثر أتباعه والمتعصبون له، فهاجت أحداث السُّنّة، وقصدوا نحو النظامية، وقتلوا جماعةً نعوذ بالله من الفِتَن.
رواية ابن الأكفاني عن كسْرة أَتْسِز:
قال هبة الله بن الأكفاني: كان كسرة أَتْسِز بن أوق بمصر، ثم رجع وجمع، وطلع إلى القدس ففتحها، وقتل بها ذلك الخلق العظيم، فمنهم حمزة بن علي العين زربي الشاعر.
رواية ابن القلانسي:
وقال أبو يعلى حمزة: سار أَتْسِز، فكسره أمير الجيوش، فأفلت في نفرٍ يسير وجاء إلى الرملة وقد قُتِل أخوه، وقُطِعِت يد أخيه الآخر، فسُرَّت نفوس الناس بمُصَابه، وتحكَّم السيف في أصحابه١.
١ انظر: العبر "٣/ ٢٦٩"، وتاريخ ابن خلدون "٣/ ٤٧٣، ٤٧٤"، ونهاية الأرب "٢٣/ ٢٤٣، ٢٤٤"، ومرآة الجنان "٣/ ٩٧"، والمختصر في أخبار البشر "٢/ ١٩٢".