للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قُرَيْشٍ بِالسَّنَةِ ١:

قَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ قَالَ فِيمَا يَقُولُ: يَوْمَ تأتي السّماء بدخان مبين، قَالَ: دُخَانٌ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكْمَةِ، فَقُمْنَا فَدَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عِلْمًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ الْعَالِمُ لِمَا لَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} ٢. وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنِ الدُّخَانِ: إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبْطَئُوا عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ"، فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ فَحَصَّتْ٣ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْجِيَفَ وَالْمَيْتَةَ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ، ثُمَّ دَعَوْا فَكُشِفَ عَنْهُمْ، يَعْنِي قَوْلَهُمْ {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} ٤. ثم قرأ عبد الله {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} ٥ قَالَ: فَعَادُوا فَكَفَرُوا فَأُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} ٦. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ فَانْتُقِمَ مِنْهُمْ٧. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الدَّهَّانُ، وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ: أَنْبَأَ أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا قَالَ: "اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ وَالْعِظَامَ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ فَقَالَ: إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ، فَدَعَا فَسُقُوا الغيث٨.


١ السنة: القحط.
٢ سورة ص: ٨٦.
٣ فحصت: المراد أهلكت.
٤ سورة الدخان: ١٢.
٥ سورة الدخان: ١٥.
٦ سورة الدخان: ١٦.
٧ صحيح: أخرجه البخاري "٤٨٢٢" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} ، ومسلم "٢٧٩٨" في كتاب صفة القيامة، باب: الدخان، والترمذي "٣٢٦٥" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الدخان، وأحمد "١/ ٤٣١، ٤٤١"، والبيهقي في "الدلائل" "٢/ ٣٢٦، ٣٢٧".
٨ انظر التخريج السابق، وهو لفظ البيهقي.