في المحرَّم أوقع العيّارون حريقًا بالخشّابين مبدأه من باب الشعير، فاحترق أكثر هذا السوق، وهلك شيء كثير، واستفحل أمر العيّارين ببغداد حتى ركبوا الخيل، وتلقّبوا بالقوّاد، وغلبوا على الأمور، وأخذوا الخفارة من الأسواق والدروب، وكان فيهم أسود الزند كان يأوي قنطرة الزَّبَد وشحذ وهو عريان، فلما كثُر الفساد رأى هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف، فطلب الأسود سيفًا ونهب وأغار، وحفّ به طائفة وتقوَّى، وأخذ الأموال، واشترى جارية بألف دينار، ثم راودها فتمنَّعت، فقال: ما تكرهين منّي؟ قالت: أكرهك كلّك، قال: ما تحبين؟ قالت: تبيعني. قال: أوخيرًا من ذلك؟ فحملها إلى القاضي وأعتقها، ووهبها ألف دينار، فتعجَّب الناس من سماحته، ثم خرج إلى الشام فهلك هناك.