ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ:
فِإنَّهَا مِنْ أَصَحِّ الْمَغَازِي قَدْ قَالَ إبراهيم بن المنذر الجزامي: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ وَمَعْنٌ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ مَالِكًا كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَغَازِي قَالَ: عَلَيْكَ بِمَغَازِي الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَإِنَّهُ أَصَحُّ الْمَغَازِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، ح.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ -وَهَذَا لَفْظُهُ- عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: مَكَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ شَهْرَيْنِ. ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ، وَمَعَهُ سَبْعُونَ رَاكِبًا مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ؛ منهم: مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ، وَمَعَهُمْ خَزَائِنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُقَالُ كَانَتْ عِيرُهُمْ أَلْفَ بَعِيرٍ. وَلَمْ يَكُنْ لِقُرَيْشٍ أُوقِيَّةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا بَعَثُوا بِهَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ؛ إِلَّا حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَلِذَلِكَ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ فلم يشهده. فذكروا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ قَبْلَ ذَاكَ، فَبَعَثَ عَدِيَّ بْنَ أَبِي الزَّغْبَاءِ الْأَنْصَارِيَّ، وبَسْبَسَ بْنَ عمرو إلى العير عينًا له، فسار، حَتَّى أَتَيَا حَيًّا مِنْ جُهَيْنَةَ، قَرِيبًا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَسَأَلُوهُمْ عَنِ الْعِيرِ، فَأَخْبَرُوهُمَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ. فَرَجَعَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبراه. فَاسْتَنْفَرَ الْمُسْلِمِينَ لِلْعِيرِ. وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
وَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى الْجُهَنِيِّينَ وَهُوَ مُتَخَوِّفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَ الرَّاكِبَيْنِ، فَقَالَ أَبُو سفيان: خذوا من بعر بعيريهما. ففته فَوَجَدَ النَّوَى فَقَالَ: هَذِهِ عَلَائِفُ أَهْلِ يَثْرِبَ. فَأَسْرَعَ وَبَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ: ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قُرَيْشٍ أَنِ انْفِرُوا فَاحْمُوا عِيرَكُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَكَانَتْ عَاتِكَةُ قَدْ رَأَتْ قَبْلَ قُدُومِ ضَمْضَمٍ؛ فَذَكَرَ رُؤْيَاهَا، إِلَى أَنْ قَالَ: فقدم ضَمْضَمُ فَصَاحَ: يَا آلَ غَالِبِ بْنَ فِهْرٍ انْفِرُوا فَقَدْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ وَأَهْلُ يَثْرِبَ يَعْتَرِضُونَ لِأَبِي سُفْيَانَ. فَفَزِعُوا، وَأَشْفَقُوا مِنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، وَنَفَرُوا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ.
وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيَظُنُّ مُحَمَّدٌ أَنْ يُصِيبَ مِثْلَ مَا أَصَابَ بِنَخْلَةَ؟ سيعلم أنمنع عِيرُنَا أَمْ لَا.
فَخَرَجُوا بِخَمْسِينَ وَتَسِعِمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَسَاقُوا مِائَةَ فَرَسٍ، وَلَمْ يَتْرُكُوا كَارِهًا لِلْخُرُوجِ. فَأَشْخَصُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَنَوْفَلُ بْنَ الْحَارِثِ، وَطَالِبَ بْنَ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute