فيها ورد الخبر أنّ أبا المَنِيع قرواش بْن مُقَلّد جمع أهل المَوْصِل وأظهر عندهم طاعة الحاكم، وعرَّفهم بما عنده مِن إقامة الدّعوة لَهُ، ودعاهم إلى ذَلِكَ. فأجابوه في الظّاهر، وذلك في المحرَّم. فأعطى الخطيبَ نسخة ما خطب به، فكانت: الله أكبر، ولا إله إلا الله، وله الحمد الّذي انجلت بنوره غَمَرات الغضب، وانقهرت بقُدرته أركان النَّصْب، وأطلع بنوره شمس الحقّ من الغرب. الّذي محا بعدله جور الظَّلمة، وقصم بقُوته ظهر الفِتْنة، فعاد الحقّ إلى نصابه، والحقّ إلى أربابه، البائن بذاته، المنفرد بصفاته، الظّاهر بآياته، المتوحّد بدلالاته، لم تَفُتْه الأوقات فتسبقه ولم تُشْبهه الصُّور فتحويه الأمكنة، ولم تره العيون فتصفه الألسنة.
إلى أن قَالَ: بعد الصّلاة عَلَى الرّسول، وعلى أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين، أساسُ الفضل والرحمة، وعمار العِلْم والحِكْمة، وأصل الشّجرة الكرام النّابتة في الأرومة المقدَّسة المطهرّة، عَلَى أغصانه بواسق من تِلْكَ الشجرة١.
وقال في الخطبة الثانية: بعد الصلاة على محمد، اللهم صل على ولّيك الأكبر عليّ بن أَبِي طَالِب أَبِي الأئمّة الرّاشدين المَهْديين، اللهم صلّ عَلَى السَّبْطَيْن الطَّاهرين الحسن والحسين اللهم صلّ عَلَى الإمام المهديّ بك والّذي بلغٍ بأمرك وأظهر حُجتَّك، ونهض بالعدل في بلادك هاديا لعبادك. اللهم صلّ عَلَى القائم بأمرك، والمنصور بنصرك، الّلذين بذلا نفوسهما في رضاك، وجاهدا عِداك، وصلّ عَلَى المُعِزّ لدينك، المجاهد في سبيلك، والمُظْهِر لآياتك الحقيّة، والحجّة العليّة. اللهم وصلّ عَلَى العزيز بك، والذي تهذَّبت بِهِ البلاد. اللهم أجعل توافي صلواتك على سيّدنا ومولانا، إمام الزّمان، وحصن الإيمان، وصاحب الدّعوة العلّوية والملة النبوية، عبدك ووليك المنصور