قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عاصم بْن عُمَر بْن قَتَادَة، عَنْ شيخ من بني قُرَيْظة قَالَ: هل تدري عَمَّ كَانَ إسلامُ ثَعْلَبَة وأسد ابني سَعْيَة، وأسد بْن عُبَيْد، نفر من هَدْل، لم يكونوا من بني قُرَيْظة ولا نَضير، كانوا فوق ذَلِكَ، قلت: لا. قَالَ: إنّه قدِم علينا رَجُل من الشام يهوديّ، يقال لَهُ ابن الهَيْبَان، ما رأينا خيرًا منه. فكنّا نقول إذا احتبس المطر: استسْق لنا. فيقول: لا والله، حتى تُخْرِجوا صدقة صاعٍ من تمر أو مُدَّيْن من شعير. فنفعل، فيخرج بنا إلى ظاهر حرّتنا. فَوَالله ما يبرح مجلسه حتى تمر بنا الشعاب بسيل. وفعل ذَلِكَ غير مرّة ولا مرتين. فلما حضرته الوفاة قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ؛ مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ والجوع؟ قُلْنَا: أنت أعلم. قَالَ: أخرجني نبيُّ أتوقعه يُبعث الآن فهذه البلدة مُهَاجره، وإنّه يُبعث بسفك الدماء وسبي الذرية، فلا يمنعنّكم ذَلِكَ منه ولا تُسبقنَّ إِلَيْهِ. ثُمَّ مات.
زاد يونس بْن بُكَيْر فِي حديثه: فلما كانت الليلة التي افتُتِحت فيها قُرَيْظة قَالَ أولئك الثلاثة، وكانوا شبابًا أحداثًا: يا معشر يهود، هذا الَّذِي كَانَ ذكر لكم ابن الهَيبان. قَالُوا: ما هُوَ؟ قَالُوا: بلى والله إنّه لهو بصفته. ثُمَّ نزلوا فأسلموا وخلُّوا أموالَهم وأهلَهم١، وكانت فِي الحصن، فلما فتح رد ذلك عليهم.
١ راجع ترجمة أسد بن سعية في "الإصابة" لابن حجر "١٤/ ٣٣".