للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحداث سنة ثمان وسبعين وأربعمائة]

استيلاء الأدفُونش على طليطلة:

كان قد جمع الأدفونش، لعنه الله، جيوشَه، وسار فنزل على مدينة طُليطلَة من بلاد الأندلس في السّتين الماضية، فحاصرها سبْع سِنين، وأخذها في العام من صاحبها القادر بالله ولد المأمون يحيى بن ذي النون، فازداد قوّةً وطغى وتجبَّر.

موقعة الملثّمين بالأندلس:

وكان ملوك الأندلس، حتّى المعتمد صاحب قُرْطُبة وإشبيلية، يحمل إليه قطيعة كلّ عام. فاستعان المعتمد بن عبّاد على حربه بالملثّمين من البربر، فدخلوا إلى الأندلس، فكانت بينهم وقعة مشهورة، ولكن أساء يوسف بن تاشفين ملك الملثمين إلى ابن عبّاد، وعمل عليه، وأخذ منه البلاد، وسجنه بأغمات إلى أن مات.

رواية ابن حزم عن كتاب الأدفونش إلى المعتمد بن عبّاد:

وذكر اليَسَع بن حَزْم قال: كان وجّه أدفونش بن شانجة رسولًا إلى المعتمد. وكان من أعيان ملوك الفرنج يقال له: البرهنس، معه كتاب كتبه رجلٌ من فقهاء طُلَيْطلة تنصَّر ويُعرف بابن الخيّاط، فكان إذا عُيِّر قال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: ٥٦] والكتاب: من الإنبراطور ذي الملّتين الملك أدفونش بن شانجة، إلى المعتمد بالله، سدّد الله آراءه، وبصّره مقاصد الرشاد. قد أبصرت تَزَلْزُل أقطار طُلَيْطُلة، وحصارها في سالف هذه السّنين، فأسلمتم إخوانكم، وعطّلتم بالدَّعة زمانكم، والحذر من أيقظ بالَهَ قبل الوقوع في الحبالة. ولولا عهدٍ سَلَفَ بيننا نحفظ ذِمامه نهض العزم، ولكن الإنذار يقطع الأعذار، ولا يعجل إلا من يخاف الفوت فيما يرومه، وقد حمّلنا الرّسالة إليك السّيد البرهانس، وعنده من التسديد الذي يلقى به أمثالك، والعقل الذي يدبّر به بلادك ورجالك، ما أوجب استنابته فيما يدق ويجلّ.


١ الشحنكية: هي الجماعة التي يقيمها الحاكم، أو الوالي لكي تقوم بضبط أحوال الرعية.