وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، إنّ عليًّا كان يخرج إِلَى الصلاة، وَفِي يده دِرَّةٌ يوقظ النّاس بها، فضربه ابن مُلجَم، فقال علي أطعموه واسقوه فإن عشت فأنا ولي دمي.
رواه غيره، وزاد: فإنْ بقيتُ قَتَلْتُ أو عفوتُ فإنْ مِتُّ فاقتلوه قِتْلَتي، ولا تعتدوا إنّ الله لَا يحب المعتدين.
وقال مُحَمَّد بْن سعد: لقي ابنُ مُلْجم شَبِيبَ بْن بَجْرة الأشجعيّ، فأعلمه بما عزم عليه من قُتِلَ عليّ، فوافقه، قَالَ: وجلسا مقابل السُّدة التي يخرج منها عليّ، قَالَ الْحَسَن: وأتيته سَحَرًا، فجلست إليه فقال: إنّي مَلَكَتْني عيناي وأنا جالس، فسنح لي النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر المنام المذكور. قَالَ: وخرج وأنا خلفه، وابن النّبّاح بين يديه، فَلَمَّا خرج من الباب نادى: أيُّها النّاس الصلاة الصلاة، وكذلك كان يصنع كل يوم، ومعه دِرَّتُهُ يُوقِظُ النّاس، فاعْتَرَضَهُ الرجلان، فضربه ابنُ مُلْجَم على دماغِه، وأمّا سيف شبيب فوقع فِي الطّاق، وسمع النّاس عليًّا يقول: لَا يَفُوتَنَّكُمُ الرجل، فشدّ النّاس عليهما من كل ناحية، فهرب شبيب، وَأُخِذَ عَبْد الرَّحْمَن، وكان قد سمّ سيفه.
ومكث عليّ يوم الجمعة والسبت، وتُوُفيّ ليلة الأحد، لإحدى عشرة لَيْلَةً بقيت من رمضان. فَلَمَّا دُفِنَ أحضروا ابن ملجم، فاجتمع النّاس، وجاءوا بالنّفْط والبَوَاري، فقال مُحَمَّد بْن الحنفية، والحسين، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن أبي طَالِب: دَعُونا نَشْتَفّ منه، فقطع عَبْد الله يديه ورِجْلَيه، فلم يجزع ولم يتكلم، فكَحَل عينيه، فلم يجزع، وجعل يقول: إنّك لَتَكْحُل عيني عمّك، وجعل يقرأ:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ١ حَتَّى ختمها، وإنّ عينيه لَتَسيلان، ثُمَّ أمر به فعولج عن لسانه ليُقْطَع، فجزع، فَقِيلَ له في ذلك. فقال: ما ذاك بِجَزَعٍ، ولكنّي أكره أن أبقى فِي الدُّنيا فُوَاقًا لَا أذكر الله، فقطعوا لسانه، ثُمَّ أحرقوه فِي قَوْصرة، وكان أسمر حَسَن الوجه، أفلَجَ، شعْرُهُ مع شَحْمَه أُذُنيه، وَفِي جبهته أثر السُّجود.
ويُرْوَى أن عليًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- أمرهم أن يحرِّقوه بعد الْقَتْلِ.
وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ قَالَ: صلّى الحَسَن على عليّ، وَدُفِنَ بالكوفة، عند قصر الإمارة، وعمي قبره.