لمّا قُتِلَ عثمان صبرًا، سُقِط في أيدي أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبايعوا عليًّا، ثمّ إنّ طلحة بن عُبَيْد الله، والزُّبَيْر بن العوام، وأمّ المؤمنين عائشة، ومَن تبِعَهُم رأوا أنّهم لَا يخلِّصهم ممّا وقعوا فيه من تَوَانِيهم في نُصْرة عثمان، إلّا أن يقوموا في الطلب دمه، والأخْذ بثأره من قَتَلَته، فساروا من المدينة بغير مشورةٍ من أمير المؤمنين عليّ، وطلبوا البصرة.
قَالَ خليفة: قدِم طلْحة، والزُّبَيْر، وعائشة البصرة، وبها عثمان بن حُنَيْف الأنصاريّ وَالِيًا لعليّ، فخاف وخرج منها، ثمّ سار عليّ من المدينة، بعد أن استعمل عليها سهل بن حُنَيْف أخا عثمان، وبعث ابنه الحسن، وعمّار بن ياسر إلى الكوفة بين يديه يستنفران النّاس، ثمّ إنّه وصل إلى البصرة، وهو أحد الرءوس الذين خرجوا على عثمان كما سلف، فالتقى هو وجيش طلْحة والزُّبَيْر، فقتل الله حُكَيْمًا في طائفة من قومة، وقُتِل مقدّم جيش الآخرين أيضًا مُجَاشع بن مسعود السُّلَميّ.
ثمّ اصطلحت الفئتان، وكفُّوا عن القتال، على أن يكون لعثمان بن حُنَيْف دار الإمارة والصّلاة، وأن ينزل طلحة والزبير حيث شاءا من البصْرة، حتّى يقدم عليّ -رضي الله عنه.
وَقَالَ عمّار لأهل الكوفة: أما واللَّهِ إنّي لأعلم أنّها -يعني عائشة- زَوْجَة نبيكم في الدُّنيا والآخرة، ولكنّ الله ابتلاكم بها لينظُر أَتَّتبِعُونه أو إيّاها.
قَالَ سعد بن إبراهيم الزُّهْريّ: حدّثني رجلٌ من أسلم قَالَ: كنّا مع عليّ أربعة آلاف من أهل المدينة.
وَقَالَ سعيد بن جُبَيْر: كان مع علي يوم وقعة الجمل ثمانمائة من الأنصار، وأربعمائة ممن شهدوا بيعة الرضوان.