للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ولي بعده يحيى القادر ولده، فاشتغل بالخلاعة واللَّعِب، وهادنَ الفرنج، وصادر الرَّعيَّة، واستعمل الرُّعَاع، فلم تزل الفرنج تطوي حصونه حتَّى تغلَّبت على طُلَيْطُلَة في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة، تأخَّر هو إلى بَلَنْسِيَةَ.

ومن أخبار المأمون أنّهُ أراد أن يستعني بالفرنج على أخذ المدن والحصون، فكتب إلى ملك الفرنْج الّذي من ناحيته أنْ تعال إليَّ في مائةٍ من فرسانك والقني في مكان كذا.

ثمَّ سار للقيه في مائتيّ فارس، وجاء ذلك في ستَّة آلاف، فأمرهم أن يكمنوا، وقال: إذا رأيتمونا قد اجتمعنا، فأحيطوا بنا، فلمَّا اجتمعا أحاط بهم السِّتة آلاف، فلمَّا رآهم المأمون سُقِطَ في يده واضطرب، فقال له الفرنْجيّ: يا يحيى، وحقِّ الْإِنجيل ما كنتُ أظُنُّكَ إِلَّا عاقِلًا، أنت أحمقُ خَلْقِ اللَّه تعالى، خرجت إليَّ في هذا العدد القليل، وسلَّمت إليَّ مُهْجَتك بلا عهدٍ، ولا بيننا دين، فَوَحَقِّ الْإِنجيل لَا نجوت منِّي حتى تُعْطينيّ ما أشترطه.

قال المأمون: فاشترِطْ واقْتَصِد.

قال: تُعطيني الحصن الفلانيّ، والحصن الفُلانيّ، وسمَّى حصونًا، وتجعل لي عليك مالًا كل عام.

ففعل المأمون ذلك، وسلَّم إليه الحصون، ورجع بشرِّ حال، وتراكم الخذلان عليه، ولا قوّة إِلَّا باللَّه.

تُوُفّي سنة ستِّين.

٢٧٧- يحيى بن صاعد بن محمد١:

قاضي القُضاة، أبو سَعْد ابن القاضي أبي سعيد ابن القاضي عماد الْإِسلام أبي العلاء النَّيْسابوريّ الحنفيّ.

ولد سنة إحدى وأربعمائة.

وسمع من جدِّه، وولي قضاء الرِّيّ بعد نيسابور.


١ المنتخب من السياق "٤٨٤، ٤٨٥".