للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أطلقهم، ثمّ اغتالوا مؤذنًا من أهل ساوة فاجتهدوا أنّ يدخل في مذهبهم، فامتنع فخافوا أنّ ينمّ عليهم، فقتلوه، فرُفِع ذَلِكَ إلى نظام المُلْك، فأخذ رجلًا نجارًا اتّهمه بقتله، وهو أوّل من فتكوا بِهِ، وكانوا يقولون: قلتم منّا نجّارًا فقتلنا بِهِ نظام المُلْك. ثمّ استفحل أمرهم بأصبهان. ولمّا مات السّلطان ملكشاه، آل أمرهم إلى أنّهم كانوا يسرقون النّاس فيقتلوهم ويُلْقُونهم بالآبار، فكان الإنسان إذا دنا وقتٌ ولم يعد إلى منزله يئسوا منه. وبلغ من حيلهم امرأة عَلَى حصير لا تبرح منها، فدخلوا الدّار، يعني الأخَوان، فأزالوها، فوجدوا تحت الحصير بئرًا فيها أربعون قتيلًا. فقتلوا المرأة، وهدموا الدّار. وكانوا يجلسون ضريرًا عَلَى باب زُقاقهم، فإذا مرّ بِهِ إنسان سأله أنّ يقوده إلى رأس الزُّقاق، فإذا فعل جذبه من في الدار إليها فقتلوه. فجدّ أهل إصبهان فيهم، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا. وأوّل قلعة ملكوها بناحية إصبهان، تسمّى الرُّوذَبار، وكانت لقراج صاحب ملكشاه، وكان متهمًا بمذهبهم. فلمّا مات ملكشاه أعطوه ألفًا ومائتي دينار، فسّلمها إليهم في سنةٍ ثلاثٍ وثمانين. وقيل: لم يكن ملكشاه مات.

مقدَّم الباطنيّة:

وكان مقدَّمهم يقال لَهُ: الحَسَن بْن الصّبّاح، وأصله من مَرْو، وكان كاتبًا لبعض الرؤساء، ثمّ صار إلى مصر وتلقّى من دعاتهم، وعاد داعيةً للقوم، وحصل على هذه القلعة، وكان لا يدعو إلّا غنيا، ثم يذكر لَهُ ما تمّ عَلَى أهل البيت من الظلم، ثمّ يَقُولُ لَهُ: إذا كانت الأزارقة والخوارج سمحوا بنفوسهم في القتال مَعَ بني أُميّة، فما سبب تخلُّفك بنفسك عَنْ إمامك؟ فيتركه بهذه المقالة طُعْمةً للسِّباع.

طاعة الباطنيّة لمقدَّمهم:

وكان ملكشاه نفَّذ إِلَيْهِ يتهدّده ويأمره بالطّاعة، ويأمره أنّ يكفّ أصحابه عَنْ قتل العلماء والأمراء، فقال للرسول: الجواب ما تراه. ثمّ قَالَ لجماعةٍ بين يديه: أريد أنّ أُنْفذكم إلى مولاكم في حاجةٍ، فمن ينهض بها؟ فاشرأبّ كلُّ واحدٍ منهم، وظنّ الرَّسُول أنّها حاجة، فأومى إلى شابّ فقال: اقتل نفسك. فجذب سكّينًا، فقال بها في عاصمته، فخرَّ ميتًا. وقال لآخر: إرمِ نفسَك من القلعة. فألقى نفسه فتقطّع.