للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فقال: "إني لا آكل مما ذبح لغير الله"، ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يأتي أمة وحده" ١.

رواه إبراهيم الحربي في "الغريب" عن شيخين له، عن أبي أسامة، ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان: إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه؛ لأن زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه، وكيف يجوز ذلك وهو -عليه السلام- قد منع زيدا أن يمس صنما، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم؟ هذا محال.

الثاني: أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده.

قلت: هذا حسن، فإنما الأعمال بالنية، زيد، أخذ بالظاهر، وكان الباطن لله، وربما النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإفصاح خوف الشر، فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش، ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، والظاهر أن زيدا -رحمه الله- توفي قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات، وهي:

رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنورا من النار حاميا

بدينك ربا ليس أب كمثله ... وتركك أوثان الطواغي كما هيا

وإدراكك الدين الذي قد طلبته ... ولم تك عن توحيد ربك ساهيا

فأصبحت في دار كريم مقامها ... تعلل فيها بالكرامة لاهيا

وقد يكرك الإنسان رحمة ربه ... ولو كان تحت الأرض سبعين واديا

نعم، وعد عروة سعيد بن زيد في البدريين فقال: قدم من الشام بعد بدر، فكلم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ لَهُ بسهمه وآجره، وكذلك قال موسى بن عقبة وابن إسحاق.

وامرأته هي ابنة عمه فاطمة، أخت عمر بن الخطاب.

أسلم سعيد قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الْأَرْقَمِ.

وأخرج البخاري من ثلاثة أوجه، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم


١ أخرجه أبو يعلى "٧٢١٢".