للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَنَ قَائِدَ الْأَحْزَابِ وَسَائِقَهُمْ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَبُو سُفْيَانَ وَالْآخَرُ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ١.

زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثَنَا أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِيُّ، ثَنَا أَبُو الْغَرِيفِ قَالَ: كُنَّا فِي مُقَدِّمَةِ الْحَسَنِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا تَقْطِرُ سُيُوفُنَا مِنَ الْجِدَةِ عَلَيْهِ٢، فَقَالَ الشَّامِيُّونَ: فَلَمَّا أَتَانَا صُلْحُ الْحَسَنِ لِمُعَاوِيَةَ كَأَنَّمَا كُسِرَتْ ظُهُورُنَا مِنَ الْغَيْظِ، قَالَ: وَقَامَ سُفْيَانُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَا تَقُلْ ذَاكَ، إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَكُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ٣.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ قَتَادَةُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ: سَمَّ الْحَسَنَ زَوْجَتُهُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كَانَ ذَلِكَ بِتَدْسِيسِ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهَا، وَبَذَلَ لَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ لَهَا ضَرَائِرَ.

قُلْتُ: هَذَا شَيْءٌ لَا يَصِحُّ فَمَنِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ؟.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رُوِينَا مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ لَمَّا احْتَضَرَ قَالَ: يَا أَخِي إِيَّاكَ أَنْ تَسْتَشْرِفَ٤ لِهَذَا الْأَمْرَ فَإِنَّ أَبَاكَ اسْتَشْرَفَ لِهَذَا الْأَمْرِ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ اسْتَشْرَفَ لَهَا فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَشُكَّ وَقْتَ الشُّورَى أنَّهَا لَا تَعْدُوهُ، فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بُويِعَ، ثُمَّ نُوزِعَ حَتَّى جَرَّدَ السَّيْفَ، فَمَا صَفَتْ لَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ فِينَا النُّبُوَّةَ وَالْخِلَافَةِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ مَا اسْتَخَفَّكَ سُفَهَاءُ الْكُوفَةِ فَأَخْرَجُوكَ، وَقَدْ كُنْتُ طَلَبْتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنْ أُدْفَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهَا حَيَاءً، فَإِذَا مَا مِتُّ فَاطْلُبْ ذَلِكَ إِلَيْهَا، وَمَا أَظُنُّ الْقَوْمَ إِلَّا سَيَمْنَعُونَكَ، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا تُرَاجِعَهُمْ. فَلَمَّا مَاتَ أَتَى الْحُسَيْنُ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ، فَمَنَعَهُمْ مَرْوَانُ، فَلَبِسَ الْحُسَيْنُ وَمَنْ مَعَهُ السلاح


١ خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد كما في "البداية" "٨/ ٤٢"، وأورده الذهبي في السير "٣/ ٢٧٢"، وانظر: تهذيب تاريخ دمشق "٤/ ٢٢٤، ٢٢٥" لابن بدران.
٢ الخوف عليه.
٣ خبر صحيح: أخرجه الحاكم "٣/ ١٧٥"، وأورده المصنف "٣/ ٢٧٢"، في السير.
٤ تستشرق: تتطلع إليها.