للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفاة القاضي الزينبي:

ومات قاضي القُضاة الزَّيْنَبيِّ، وقُلِّد مكانه أبو الحسن عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن الدّامغانيّ١.

دخول ملك صقلّية مدينة المهديَّة:

وفيها: الغلاء مستمر بإفريقية، وجلا أكثر النّاس ووجد خلْق في جزيرة صَقَلِّية، وعظُم الوباء. فاغتنم الملعون رُجار صاحب صَقَلّية هذه الشّدَّة، وجاء في مائتين وخمسين مركبًا، ونزل عَلَى المَهْديَّة، فأرسل إلى صاحبها الحسين بْن عليّ بْن يحيى بْن تميم بْن باديس: إنّما جئت طالبًا بثأر محمد بْن رشيد صاحب فاس، وردّه إلى فاس. وأنت فبيننا وبينك عهدٌ إلى مدَّةٍ، ونريد منك عسكرًا يكون معنا.

فجمع الحَسَن الفُقهاء والكبار وشاورهم، فقالوا: نقابل عدوّنا، فإنّ بلدنا حصين.

قَالَ: أخاف أن ينزل البرَّ ويحاصرنا برًّا وبحرًا ويمنعنا الميرة، ولا يحلّ لي أن أُعطيه عسكرًا يقاتل بِهِ المسلمين، وإنِ امتنعتُ قَالَ: نقَضْت. والرأي أن نخرج بالأهل والولد، ونترك البلد، فمن أراد أن ينزح فلْيَنْزَح.

وخرج لوقته، فخرج الخلْق عَلَى وجوههم، وبقي من احتمى بالكنائس عند أهلها، وأخذت الفرنج المهدّية بلا ضرْبة ولا طَعْنة، فإنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون. فوقع النّهب نحو ساعتين، ونادوا بالأمان.

وسار الحَسَن إلى عند أمير عرب تِلْكَ النّاحية، فأكرمه. وصار الإفرنج من طرابُلُس الغرب إلى قرب تونس.

وأمّا الحَسَن، فعزم عَلَى المسير إلى مصر، ثمّ عزم على المسير إلى عبد المؤمن هُوَ وأولاده، وهو التّاسع من ملوك بني زيري. وكانت دولتهم بإفريقيَّة مائتين وثمان سنين٢.


١ المنتظم "١٠/ ١٣٤"، وذيل تاريخ دمشق "٣٠٣".
٢ الكامل في التاريخ "١١/ ١٢٥"، والبداية والنهاية "١٢/ ٢٢٣".