للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: مَا صَنَعَ أَهْلُ الْعَهْدِ؟ قَالَ عُمَيْرٌ: أَخَذْنَا مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ. قَالَ: فَمَا صَنَعْتَ بِمَا أَخَذْتَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ يَا عُمَرُ! أَرْسَلْتَنِي أَمِينًا، فَنَظَرْتُ لِنَفْسِي، وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَغُمَّكَ لَمْ أُحَدِّثْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدِمْتُ بِلَادَ الشَّامِ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرْتُهُمْ بِمَا حَقَّ لَهُمْ عَلَيَّ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَدَعَوْتُ أَهْلَ الْعَهْدِ، فَجَعَلْتُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُجِيبُهُمْ، فَأَخَذْنَاهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَمَجْهُودِيهِمْ، وَلَمْ يَنَلْكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَلَوْ نَالَكَ بَلَّغْنَاكَ إِيَّاهُ. قَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ يَتَبَرَّعُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ وَيَحْمِلُكَ عَلَى دَابَّةٍ، جِئْتَ تَمْشِي، بِئْسَ الْمُعَاهِدُونَ فَارَقْتَ، وَبِئْسَ الْمُسْلِمُونَ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يَقُولُ: "لَتُوطَأَنَّ حُرَمُهُمْ وَلَيُجَارَنَّ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِهِمْ، وَلَيُسْتَأْثَرَنَّ عَلَيْهِمْ بِفَيْئِهِمْ، وَلَيَلِيَنَّهُمْ رِجَالٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قتلوهم، وإن سكتوا اجتاحوهم"١. فقال عمير: ما لك يا عمر تفرج بِسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِهِمْ! قَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهُوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ، ثُمَّ يَدْعُو خِيَارَكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"٢. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ قَالَ: هَاتُوا صَحِيفَةً لِنُجَدِّدَ لِعُمَيْرٍ عَهْدًا، قَالَ عُمَيْرٌ: وَاللَّهِ لَا أَعْمَلُ لَكَ، اتَّقِ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاعْفِنِي بِغَيْرِي.

وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا مُنْكَرًا. وَرُوِيَ نَحْوَهُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ الْغَلابِيُّ: زُهَّادُ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةٌ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

٥٣- عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ -م٤- بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأُمَوِيُّ، أَبُو عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ، وَيُقَالُ: أَبُو الْوَلِيدِ٣.

رَوَى عَنْ أُخْتِهِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ حَبِيبَةَ.

وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رباح.


١ حديث منكر: وروا أبو حذيفة في "المبتدأ"، وانظر: السير "٢/ ٥٦٢".
٢ انظر السابق.
٣ انظر: التاريخ الكبير "٧/ ٣٦"، وأسد الغابة "٤/ ١٥١"، الإصابة "٣/ ٨٢".