للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مَارٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ كُنْتُ مَرَّةً ذَا فَرَاسَةٍ، وَلَيْسَ لِي رَئِيٌّ، أَلَمْ يَكُنْ قَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَنْظُرُ وَيَقُولُ فِي الْكَهَانَةِ، ادْعُوهُ لِي، فَدَعَوْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ؟ قَالَ: مِنَ الشَّامِ، قَالَ: فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أردت هذا الْبَيْتَ، وَلَمْ أَكُنْ أَخْرُجُ حَتَّى آتِيَكَ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ تَنْظُرُ فِي الْكَهَانَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَدِّثْنِي، قَالَ: إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ بِوَادٍ، إِذْ سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا جَلِيحُ، خَبَرٌ نجيح، رجل يصيح، يقول: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، الْجِنَّ وَإِيَاسَهَا، وَالإِنْسَ وَإِبْلاسَهَا، وَالْخَيْلَ وَأَحْلَاسَهَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ إِنَّ هَذَا لَخَبَرٌ يَئِسَتْ مِنْهُ الْجِنُّ، وَأَبْلَسَتْ مِنْهُ الإنس، وأعلمت فِيهِ الْخَيْلُ، فَمَا حَالَ الْحَوْلُ حَتَّى بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ١.

وَرَوَاهُ الْوَليِدُ بْنُ مَزْيَدَ الْعُذْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ مِسْكِينٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ جَالِسٌ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ. وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَحَدِ الْقُرَّاءِ، عَنْ مُجَاهِدٍ مَوْقُوفًا.

وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَاهِنُ هُوَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بن موسى الحمّار الكوفي، حدثنا زياد بن يزيد القصري، حدثنا محمد بن تراس الكوفي، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ يَخْطُبُ إِذْ قَالَ: أَفِيكُمْ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ تِلْكَ السَّنَةَ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّنَةُ الْمُقْبِلَةُ قَالَ: أَفِيكُمْ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالُوا: وَمَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالَ: كَانَ بَدْءُ إِسْلَامِهِ شَيْئًا عَجَبًا، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ سواد بن قارب، فقال له: حدّحدثنا بِبَدْءِ إِسْلَامِكَ يَا سَوَادُ، قَالَ: كُنْتُ نَازِلا بِالْهِنْدِ، وَكَانَ لِي رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ إِذْ جَاءَنِي فِي مَنَامِي ذَلِكَ قَالَ: قُمْ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وأنجاسها ... وشدّها العيس بأحلاسها

نهوي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُوهَا مِثْلُ أَرْجَاسِهَا

فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بعينيك إلى راسها


١ أخرجه البيهقي في "الدلائل" "٢/ ٢٤٥-٢٤٦".