للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ الْمُوعِدُ، كُنْتُ رَجُلًا مِسْكِينًا أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفَقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا: "مَن بَسَطَ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي" ١، فَبَسَطْتُ ثَوْبِي، حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ، ضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ بَعْدُ.

وَقَالَ أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا تُكْنُونِي أَبَا هُرَيْرَةَ، كَنَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبَا هِرٍّ، قَالَ لِي: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَبَا هِرٍّ"، وَالذَّكَرُ خَيْرٌ مِنَ الْأُنْثَى٢.

وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ: شهدت خيبر مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ قيس بن أَبِي حازم عَنْهُ: جئت يَوْم خيبر بَعْدَما فرغوا من القتال.

وَقَالَ ابن سيرين، عَنْهُ: لقد رأيتني أصرع بين القبر والمنبر من الجوع، حَتَّى يقول النَّاس: مجنون. وتمخط مرة فقال: الحمد لله الَّذِي تمخط أَبُو هُرَيْرَةَ في الكتان، لقد رأيتني وإني لأخر من الجوع، فيجلس الرجل عَلَى صدري، فأرفع رأسي، فأقول: ليس الَّذِي ترى، إِنَّمَا هُوَ الجوع٣.

وَقَالَ أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مُؤْمِنًا يَسْمَعُ بِي إِلَّا أَحَبَّنِي، قلت: وما علمك بذاك؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّيَ كَانَتْ مُشْرِكَةً، وَكُنْتُ أَدْعُوهَا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ تَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا، فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُهُ أَبْكِي، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ"، فَخَرَجْتُ أَعْدُو أُبَشِّرُهَا، فَأَتَيْتُ فَإِذَا الْبَابُ مُجَافٌ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، وَسَمِعَتْ حِسِّي فَقَالَتْ: كَمَا أَنْتَ، ثُمَّ فَتَحَتْ، وَقَدْ لَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجَّلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّيَ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْهُمْ إِلَيْهِمَا" ٤. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَظُنُّهُ فِي مُسْلِمٍ.


١ حديث صحيح: أخرجه البخاري "١/ ١٩٠"، "١٣/ ٢٧١"، ومسلم "٢٢٩٤".
٢ حديث منكر: أورده المصنف "٢/ ٥٨٧" في السير، وفيه أبو معشر، وهو من الضعفاء.
٣ الحلية "١/ ٣٧٨"، السير "٢/ ٥٩٠".
٤ حديث صحيح: أخرجه أحمد "٢/ ٢١٩، ٢٢٠"، ومسلم "٢٤٩١".