للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِكَ وَاثِقُونَ، فَصَبَّحَ الْقَوْمُ الْمَدِينَةَ، فَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى كَثَّرَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ، وَدُخِلَتِ الْمَدِينَةُ مِنَ النَّوَاحِي كُلِّهَا، وَابْنُ حَنْظَلَةَ يَمْشِي بِهَا فِي عِصَابَةٍ مِنَ النَّاسِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِمَوْلًى لَهُ: احم لِي ظَهْرِي حَتَّى أُصَلِّي الظُّهْرَ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ، فَعَلَامَ نُقِيمُ؟ وَلِوَاؤُهُ قَائِمٌ مَا حَوْلَهُ إِلَّا خَمْسَةٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّمَا خَرَجْنَا عَلَى أَنْ نَمُوتَ، قَالَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ كَالنَّعَامِ الشَّرُودِ، وَأَهْلُ الشَّامِ يَقْتُلُونَ فِيهِمْ، فَلَمَّا هُزِمَ النَّاسُ طَرَحَ الدِّرْعَ، وَقَاتَلَهُمْ حَاسِرًا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ وَهُوَ مَادٌّ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ لَئِنْ نَصَبْتَهَا مَيْتًا لَطَالَمَا نَصَبْتَهَا حَيًّا١.

وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ مُمَعَّطَ اللِّحْيَةِ، فَقُلْتُ تَعْبَثُ بِلِحْيَتِكَ! فَقَالَ: لَا، هَذَا مَا لَقِيتُ مِنْ ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، دَخَلُوا عَلَيَّ زَمَنَ الْحَرَّةِ فَأَخَذُوا مَا فِي الْبَيْتِ، ثُمَّ دَخَلَتْ علي طائفة، فلم يَجِدُوا فِي الْبَيْتِ شَيْئًا، فَأسِفُوا وَقَالُوا: أضْجِعُوا الشَّيْخَ، فَأَضْجَعُونِي، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِي خُصْلَةً٢.

عَنْ بَعْضِهِمْ قَالُوا: وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَنَهَبُوا وَأَفْسَدُوا، وَاسْتَحَلُّوا الْحُرْمَةَ.

قَالَ خَلِيفَةُ: فَجَمِيعُ مَنْ أُصِيبَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ يَوْمَ الْحُرَّةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةُ رِجَالٍ، ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاءَهُمْ فِي سِتِّ أَوْرَاقٍ، قَالَ: وَكَانَتِ الوقعة لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.

الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَلْ خَرَجَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: لَا، لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْرِفٌ وَقَتَلَ النَّاسَ، سَأَلَ عَنْ أَبِي، أَحَاضِرٌ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: مَا لِي لَا أَرَاهُ! فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبِي فَجَاءَهُ ومعه ابنا محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ، فَرَحَّبَ بِهِمْ، وَأَوْسَعَ لِأَبِي عَلَى سَرِيرِهِ وَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ؟ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكَ خَيْرًا، فَقَالَ: وَصَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: هُمَا ابْنَا عَمِّي، فَرَحَّبَ بهما.

قلت: فممن أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ: أَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ، وَبَنُوهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي حَكَى وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعقل بن سنان


١ خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "٥/ ٦٧، ٦٨" في طبقاته، وفيه الواقدي من الضعفاء.
٢ خبر ضعيف: فيه عنعنة ابن فضالة، وهو من المدلسين.