للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلامَ أَقُولُ السَّيْفَ يُثْقِلُ عَاتِقيِ ... إِذَا أَنَا لَمْ أَرْكَبْ بِهِ الْمَرْكَبَ الصَّعْبَا

سَأَحْمِيكُمْ حَتَّى أَمُوتَ وَمَنْ يَمُتْ ... كَرِيمًا فَلا لَوْمًا عَلَيْهِ وَلا عَتْبَا

وَرَوَى غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الأَشْتَرِ لِمُصْعَبٍ: ابْعَثْ إِلَى زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بن مسمع ووجوه من وجوه أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَغْدُرُوا بِكَ، فَأَبَى، فَقَالَ ابْنُ الأَشْتَرِ: فَإِنِّي أَخْرُجُ الآنَ فِي الْخَيْلِ، فَإِذَا قُتِلْتُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: فَخَرَجَ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: قُتِلَ مَعَ مُصْعَبٍ ابْنُهُ عِيسَى، وَجُرِحَ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ فَقَالَ: احْمِلُونِي إِلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَحُمِلَ إِلَيْهِ، فَاسْتَأْمَنَ لَهُ.

وَوَثَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ ظَبْيَانَ عَلَى مُصْعَبٍ فَقَتَلَهُ عِنْدَ دَيْرِ الْجَاثَلِيقِ، وَذَهَبَ بِرَأْسِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسَجَدَ لِلَّهِ.

وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَاتِكًا رَدِيئًا، فَكَانَ يَتَلَهّفُ وَيَقُولُ: كَيْفَ لَمْ أَقْتُلْ عَبْدَ الْمَلِكِ يَوْمَئِذٍ حِينَ سَجَدَ، فَأَكُونُ قَدْ قَتَلْتُ مَلِكَيَّ الْعَرَبِ.

وَقالَ أَبُو الْيَقْظَانِ وَغَيْرُهُ: طَعَنَهُ زَائِدَةُ وَاحْتَزَّ١ رَأْسَهُ ابْنُ ظَبْيَانَ.

وَلابْنِ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ:

لَقَدْ أَوْرَثَ الْمِصْرَيْنِ حُزْنًا وَذِلَّةً ... قَتِيلٌ بِدَيْرِ الْجَاثَلِيقِ مُقِيمُ

فَمَا قَاتَلَتْ فِي اللَّهِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ... وَلا صَبَرَتْ عِنْدَ اللِّقَاءِ تَمِيمُ

وَكُلُّ ثُمَالِيِّ عِنْدَ مَقْتَلِ مُصْعَبٍ ... غَدَاةَ دَعَاهُمْ لِلْوَفَاءِ دُحَيْمُ

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: إِنَّ مُصْعَبًا قَالَ يَوْمًا وَهُوَ يَسِيرُ لِعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَخْبِرْنِي عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- كَيْفَ صَنَعَ حِينَ نَزَلَ بِهِ، فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُهُ عَنْ صَبْرِهِ، وَإِبَائِهِ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ، وَكَرَاهِيَّتِهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي طَاعَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ، قَالَ: فَضُرِبَ بِسَوْطِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ فَرَسِهِ وَقَالَ:

وَإِنَّ الأُلَى بِالطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... تَأَسَّوْا فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَّأَسِّيَا

قَالَ: فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ أَنَّهُ لا يَفِرُّ، وَأنَّهُ سيصبر حتى يقتل.


١ اختز: قطع.