للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: الأحْنَفُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَنْ تُقْبَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا.

وَلِلأَحْنَفِ أَشْيَاءُ مُفِيدَةٌ أَوْرَدَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ جُمْلَةً مِنْهَا.

وَكَانَ زِيَادُ بْنِ أَبِيهِ كَثِيرَ الرِّعَايَةِ لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ تَغَيَّرَتْ حَالُ الأَحْنَفِ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصَارَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مَنْ دُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِأَشْرَافِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ: أَدْخِلْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ، فَكَانَ فِي آخِرِهِمُ الأَحْنَفُ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَحْرٍ إِلَيَّ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَكَتَ الأَحْنَفُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَهُ: لِمَ لا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُمْ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجُوا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَرُومُ الإِمَارَةَ، ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْدَ ثَلاثٍ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصًا، وَتَنَازَعُوا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَسُدَّ مَسَدَّ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدْ أَعَدْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجُوا خَلا مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ: كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ؟ فَلَمَّا عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْعِرَاقِ، جَعَلَ الأَحْنَفَ خَاصَّتَهُ وَصَاحِبَ سِرِّهِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بِالْكُوفَةِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ، فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مُدَّ بَصَرِي، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي، فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ.

رَوَاهَا ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ.

تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ الْفَسَوِيِّ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ عَلَى الْعِرَاقِ. وَلَمْ يُعَيِّنُوا سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.

١٣٧- أَسْمَاءُ بِنْتُ أبي بكر الصديق١ –ع- أم عبد الله ذات النطاقين، آخر


١ انظر: الطبقات الكبرى "٨/ ٢٤٩"، البداية "٨/ ٣٤٦"، أسد الغابة "٥/ ٢٩٢".