رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ١.
قُلْتُ: هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ، وَفِيهِ أَنَّهُمْ قَضَوْا نُسُكَهُمْ بَعْدَ عِدَّةَ سِنِينَ.
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: قَدْ قُتِلَ عَدُوُّ اللَّهِ. فَقَالَ أَبِي: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ. قَالَ: وَاللَّهِ لَأقْتُلَنَّكَ، قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يومٍ ثَلاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ لَحْظَةً، فِي كُلِّ لحظةٍ مِنْهَا ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضْيَةً، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكْفِينَاكَ فِي قَضْيَةٍ. قَالَ: فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَتَاهُ كِتَابُهُ فَأَعْجَبَهُ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَتَهَدَّدَهُ، أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً.
ثُمَّ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلًافٌ، وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ فَارْفِقْ بِهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَهُ: مَا بَقِيَ شيءٌ، فَبَايَعَ، فَكَتَبَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وبايع الْحَجَّاجُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى على محمد بن الحنفية حبرة تجلل الغزار، وَكَانَ لَهُ بُرْنُسٌ خَزٌّ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ: أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِعَرَفَةَ وَاقِفًا، عَلَيْهِ مِطْرَفٌ خَزٌّ.
وَقَالَ يَعلَى بْنُ عُبَيْدٍ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَرَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ مَخْضُوبُينَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
وَرَوَى إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى: أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سُئِلَ عَنِ الْخِضَابِ بِالْوَسْمَةِ، فَقَالَ: هُوَ خِضَابُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثنا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَلَوَّى عَلَى فِرَاشِهِ وَيَنْفُخُ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: يَا مَهْدِيُّ مَا يَلْوِيكَ مِنْ أَمْرِ عَدُوِّكَ؟ هَذَا ابْنُ الزُّبَيْرِ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا بِي هَذَا، وَلَكِنْ بِي مَا يُؤْتَى فِي حَرَمِهِ غَدًا، ثُمَّ رفع يديه إلى السماء:
١ انظر الطبقات لابن سعد "٥/ ١٠٨-١٠٩".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute