للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتَخْلَفَ عَلَى الأَنْدَلُسِ وَلَدَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مُوسَى، وَرَجَعَ بأموالٍ عَظِيمَةٍ، وَسَارَ بِتُحَفِ الْغَنَائِمِ إِلَى الْوَلِيدِ.

وَمِمَّا وَجَدَ بِطُلَيْطِلَةَ لَمَّا افْتَتَحَهَا: مَائِدَةُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهِيَ مِنْ ذهبٍ مُكَلَّلَةٌ بِالْجَوَاهِرِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى طَبَرِيَّةَ بَلَغَهُ مَوْتُ الْوَلِيدِ وَقَدِ اسْتَخْلَفَ سُلَيْمَانَ أَخَاهُ، فَقَدَّمَ لِسُلَيْمَانَ مَا مَعَهُ.

وَقِيلَ: بَلْ لَحِقَ الْوَلِيدَ وَقَدَّمَ مَا مَعَهُ إِلَيْهِ.

وَقِيلَ إِنَّ هَذِهِ الْمَائِدَةَ كَانَتْ حِمْلَ جَمَلٍ.

وَتَتَابَعَ فَتْحُ مَدَائِنِ الأَنْدَلُسِ.

وَفِي هَذَا الْحِينِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِلادَ التُّرْكِ وَغَيْرَهَا، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَكَانَ أَكْثَرَ جُنْدِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ الْبَرْبَرُ، وهم قوم موصفون بِالشَّهَامَةِ وَالشَّجَاعَةِ، وَفِيهِمْ صدقٌ وَوَفَاءٌ، وَلَهُمْ هممٌ عَالِيَةٌ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَبِهِمْ مَلِكُ الْبِلادِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيُّ، وَبَنُو عُبَيْدٍ، وَتاشَفِينُ، وَابْنُهُ يُوسُفَ، وَابْنُ تُومَرْتَ، وَعَبْدُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُلْكُ فِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ.

وَفِيهَا تَوَجَّهَ طائفةٌ مِنْ عَسْكَرِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ فِي الْبَحْرِ إِلَى جَزِيرَةِ سَرْدَانِيَةَ، فَأَخَذُوهَا وَغَنِمُوا، وَلَكِنَّهُمْ غَلُّوا فَلَمَّا عَادُوا سَمِعُوا قَائِلا يَقُولُ: اللَّهُمَّ غَرِّقْ بِهِمْ، فَغَرِقُوا عَنْ آخِرِهِمْ، ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْفِرَنْجُ١.

وَقَدْ غَزَاهَا مُجَاهِدٌ الْعَامِرِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا الْفِرَنْجُ فِي الْعَامِ كَمَا سَيَجِيءُ إن شاء الله تعالى، وبه العون٢.


١ الكامل في التاريخ "٤/ ٥٦٧-٥٦٨".
٢ وللمزيد انظر أحداث سنة اثنتين وتسعين:
١- تاريخ الطبري "٦/ ٤٦٨".
٢- الكامل "٤/ ٥٦٩".
٣- صحيح التوثيق "ص١٧٧".