للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّهُمْ لَيَسْأَلُونَ عُرْوَةَ.

وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: إِنَّ أَبَاهُ حَرَقَ كُتُبًا لَهُ، فِيهَا فِقْهٌ، ثُمَّ قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ فَدَيْتُهَا بِأَهْلِي وَمَالِي.

وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَرْوَى لِلشِّعْرِ مِنْ عُرْوَةَ.

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: الْعِلْمُ لواحدٍ مِنْ ثَلاثَةٍ، لِذِي حَسَبٍ يُزَيِّنُهُ، أَوْ ذِي دينٍ يَسُوسُ بِهِ دِينَهُ، أَوْ مُخْتَلِطٌ بِسُلْطَانٍ يُتْحِفُهُ بِعِلْمِهِ. وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا أَشْرَطَ لِهَذِهِ الخلال من عروة بن الزبير وعمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: كان عروة يقرأ الْقُرْآنِ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْمُصْحَفِ نَظَرًا، وَيَقُومُ بِهِ اللَّيْلَ، فَمَا تَرَكَهُ إِلا لَيْلَةَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ، وَكَانَ وَقَعَ فِيهَا الأَكَلَةُ فَنَشَرَهَا، وَكَانَ إِذَا كَانَ أَيَّامُ الرُّطَبِ يَثْلِمُ حَائِطَهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فَيَدْخُلُونَ فَيَأْكُلُونَ وَيَحْمِلُونَ.

وَقَالَ مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَقَعَتْ فِي رِجْلِ عُرْوَةَ الآكِلَةُ فَصَعِدَتْ فِي سَاقِهِ، فَدَعَا بِهِ الْوَلِيدُ، ثُمَّ أَحْضَرَ الأَطِبَّاءَ وَقَالُوا: لا بُدَّ مِنْ قَطْعِ رِجْلِهِ، فَقُطِعَتْ، فَمَا تَضَوَّرَ وَجْهُهُ.

وَقَالَ عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: إِنَّ أَبَاهُ خَرَجَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى، وَجَدَ فِي رِجْلِهِ شَيْئًا فَظَهَرَتْ بِهِ قُرْحَةٌ، ثُمَّ تَرَقَّى بِهِ الْوَجَعُ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى الْوَلِيدِ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اقْطَعْهَا. قَالَ: دُونَكَ، فَدَعَا لَهُ الطَّبِيبَ وَقَالَ لَهُ: اشْرِبِ الْمُرْقِدَ١. فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَطَعَهَا مِنْ نِصْفِ السَّاقِ، فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ يَقُولَ: حَسِّ حَسِّ. فَقَالَ الْوَلِيدُ: مَا رَأَيْتُ شَيْخًا قَطُّ أَصْبَرَ مِنْ هَذَا.

وَأُصِيبَ عُرْوَةُ فِي هَذَا السَّفَرِ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ، رَكَضَتْهُ بغلةٌ فِي إِصْطَبْلٍ، فَلَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ كَلِمَةً فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى قَالَ: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: ٦٢] اللَّهُمَّ كَانَ لِي بَنُونَ سَبْعَةٌ فَأَخَذْتَ مِنْهُمْ وَاحِدًا وَأَبْقَيْتَ لِي سِتَّةً، وَكَانَ لِي أطرافٌ أربعةٌ فَأَخَذْتَ طَرَفًا وَأَبْقَيْتَ ثَلاثَةً، فَإِنِ ابْتَلَيْتَ لَقَدْ عَافَيْتَ، وَلَئِنْ أَخَذْتَ لقد أبقيت.

ولهذه الحكاية طرق.


١ دواء من شربه رقد.