للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: كيف لَنَا فِي هَذَا الْقَصْرِ؟ وَكَمْ أَخَذْتَ لِكُلِّ أَلْفِ آجُرَّةِ؟ فَبَقِيَ الْبَنَّاءُ لا يَقْدِرُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَخَافَةَ الْمُسَيِّبِ الَّذِي كَانَ عَلَى العمل، فقال: ما لك سَاكِتٌ؟ قَالَ: لا عِلْمَ لِي، قَالَ: وَيْحَكَ قُلْ وَأَنْتَ آمِنٌ، قَالَ: وَاللَّهِ لا أَقِفُ عَلَيْهِ وَلا أَدْرِيهِ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: تَعَالَ لا علمك اللَّهُ خَيْرًا، وَأَدْخَلَهُ الْحُجْرَةَ الَّتِي اسْتَحْسَنَهَا، وَقَالَ: ابْنِ لِي طَاقًا يَكُونُ شَبِيهًا بِالْبَيْتِ لا تَدْخُلُ فِيهِ خَشَبًا، قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى الْبَنَّاءِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يُحْصِي جَمِيعَ مَا يَدْخُلُ فِي الطَّاقِ مِنَ الآجُرِّ وَالْحَصَى، فَفَرَغَ فِي يَوْمَيْنِ، وَدَعَا الْمُسَيِّبَ فَقَالَ: ادْفَعْ إِلَيْهِ أَجْرَهُ عَلَى حِسَابِ مَا عَمِلَ مَعَكَ، فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَاسْتَكْثَرَ ذَلِكَ الْمَنْصُورُ، فَقَالَ: لا أَرْضَى بِذَلِكَ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى نَقَصَهُ دِرْهَمًا، ثُمَّ إِنَّهُ أَخَذَ الْوُكَلاءَ وَالْمُسَيِّبُ بِحِسَابِ مَا أَنْفَقُوا عَلَى نِسْبَةِ ذَلِكَ، حَتَّى فَضَّلَ عَلَى الْمُسَيِّبِ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ، فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الْبُخْلِ وَالْحِرْصِ مِنْ مَلِكِ الدُّنْيَا فِي زَمَانِهِ.

وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الرَّبِيعِ وَوَلِيَهَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ.

وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فِيهَا غَزَوْتُ قُبْرُسَ مَعَ العباس بن سفيان الخثعمي، والله أعلم١.


١ وانظر المراجع السابقة.