للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت أحدًا أفضل من ابْن عون. قُلْتُ: قد رأى ابْن عون أنس بْن مالك فهو معدود فِي صغار التابعين.

قَالَ شعبة: شَكَّ ابْن عون أحبُّ إليّ من يقين غيره.

وقال الأوزاعي: إذا مات ابْن عون والثوري استوى الناس. وقال رَوْح بْن عبادة: مَا رأيت أحدًا أعبد من ابْن عون.

وروى مسعر بْن كدام عَن ابْن عون قَالَ: ذكر الله دواء وذكر الناس داء.

وقال ابْن معين: ابْن عون ثقة فِي كل شيء.

وقال بكار بْن محمد السيريني: كَانَ ابْن عون يصوم يومًا ويفطر يومًا، صَحِبْتُه دهرًا وكان طيب الريح ليّن الكسوة لَهُ ختمة فِي الأسبوع وكان يغزو عَلَى ناقة لَهُ إِلَى الشام فإذا وصل إِلَى الشام ركب الخيل، وبارز مرة علجًا فقتله، وكان إذا جاءه وإخونه كأن على رؤوسهم الطير لَهُم خشوع وخضوع.

قَالَ بكار: وكان إذا حدث بالحديث تخشَّع١ عنده -حَتَّى نرحمه- مخافة أن يزيد أو يُنِقص٢.

وقال أَبُو قطن: سَمِعْت ابْن عون يَقُولُ: وددت أني خرجت مِنْهُ كفافًا.

قَالَ بكار: كَانَ ابْن عون لا يدع أحدًا من أصحاب الحديث ولا غيرهم يتبعه وما رأيته يمازح أحدًا ولا ينشد شعرًا، وكان مشغولا بنفسه وما رأيت أملك للسانه مِنْهُ، وما سمعته حالفًا عَلَى يمين قط، ولا رأيته دخل حمامًا قط، وكان لَهُ وكيل نصراني يجبي غَلَّته من دارٍ لَهُ٣. وكان لا يزيد فِي رمضان عَلَى حضور المكتوبة ثم يخلو في بيته، وقد سعت بِهِ المعتزلة إِلَى إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بن حسن الَّذِي خرج فقالوا: ها هنا رَجُل يوثب عليك الناس، فأرسل إِلَيْهِ أنْ مالي ولك، فخرج عن البصرة حتى نزل القريظية وأغلق بابه.


١ تَخَشَّعَ: تَذلَّلَ، وتَضَرَّع.
٢ طبقات ابن سعد "٧/ ٢٦٢".
٣ انظر المصدر السابق.