قَالَ المهدي: كذَبْتَ يَا فاسق وهل تركت فِي شعرك موضعًا لأحد مَعَ قولك فِي معن بن زائدة:
ألما بمعن ثم قولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا
فيا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا
ولكن حويت الجود والجود ميت ... ولو كان حيا ضقت حتى تُصْدَعا
ولما مضى مَعْنُ مضى الجودُ وَالنَّدَى ... وأصبح عرنين المكارم أجْدَعا
فأطرق الْحُسَيْن ثُمَّ قال: يا أمير المؤمنين وهل معن إلا حسنة من حسناتك، فرضي عَنْهُ.
وقيل: إن معْنًا دخل يومًا عَلَى المنصور فَقَالَ: هيه يَا معن تعطي مروان ابْن أَبِي حفصة مائة ألف عَلَى قوله:
مَعْنُ بنُ زائدةٍ الَّذِي زِيدَتْ بِهِ ... شَرَفًا عَلَى شَرَفٍ بنو شَيْبانِ
قَالَ: كلا يَا أمير المؤمنين إنما أعطيته على قوله:
مازالت يوم الهاشمية معلنًا ... بالسيف دون خليفةِ الرحمنِ
فمنعْتَ حوزَتَه وكنت وِقَاءَهُ ... من وقعِ كلِّ مهنَّدٍ وَسِنَانِ
فَقَالَ: أحسنت يَا معن.
ولمعن أشعار جيدة فِي الشجاعة. وَفِي أواخر أيامه ولي إمرة سجستان ووفد عَلَيْهِ الشعراء فَلَمَّا كَانَ فِي سنة إحدى أو اثنتين وقيل: فِي سنة ثمان وخمسين كَانَ فِي داره صُنّاع فاندسّ بينهم قوم من الخوارج فوثبوا عَلَيْهِ فقتلوه وهو يحتجم ثُمَّ تتبّعهم ابْن أَخِيهِ الأمير يزيد بْن مزيد فقتلهم١.
ورثته الشعراء، ولقد أبلغ وأبدع مروان بْن أَبِي حفصة فِي كلمته:
مضَى لسبيله مَعْنُ وأبقى ... مكارِمً لن تَبيدَ ولن تُنَالا
كأنَّ الشمسَ يومَ أُصِيبَ مَعْن ... من الإِظلامِ مُلْبِسَةٌ جَلالا
وعطلت الثغور لِفَقْد مَعْنٍ ... وقد يروى بها الأسل النُّهَالا
١ راجع وفيات الأعيان "٥/ ٢٤٩".