للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد المطّلب الهاشمّي، وكان أَقَرَّ بالزَّندقة لِلْمَهْدِيِّ وَقَالَ: لا سَبِيلَ إِلَى أَنْ أُظْهِرَ مَقَالَتِي وَلَوْ قَرَضْتَنِي بِالْمَقَارِيضِ، فَقَالَ لَهُ: وَيْلُكَ، لَوْ كُشِفَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَمْرُ كَمَا تَقُولُ، لَكُنْتَ جَدِيرًا أَنْ تُؤْمِنَ لابْنِ عَمِّكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فلولاه مَنْ كُنْتَ؟ وَلَوْلا أَنِّي عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لا أَقْتُلَ هَاشِمِيًّا لَمَا نَاظَرْتُكَ١.

ثُمَّ أَحْضَرَ الْمَهْدِيُّ وَلَدَ عَمِّهِ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ، فَاعْتَرَفَ بالزَّندقة -سأل الله الثَّبات- قال الْمَهْدِيُّ لِوَلَدِهِ الْهَادِي: إِنْ وُلِّيتَ مِنْ بَعْدِي فَلا تُمْهِلْ هَذَيْنِ، فَمَاتَ ابْنُ دَاوُدَ فِي السِّجْنِ، وَخَنَقَ الْهَادِي يَعْقُوبَ هَذَا، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَخِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ مَاتَ فِي السِّجْنِ، وَظَهَرَتْ بِنْتُهُ فَاطِمَةُ أَنَّهَا حبلى منه، أكرهها.

وقعة فخ:

فيها فِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ وَقْعَةُ فَخٍّ، وَمِنْ خَبَرِهَا أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ خَرَجَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ آلُ بَيْتِهِ قَدْ كَفَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَسَكِرَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فحدَّه وَالِي الْمَدِينَةِ فَغَضِبَ وَفَقَدُوهُ، وَكَانَ الْحُسَيْنُ كَفِيلَهُ٢.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَفَّلَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فَكَانَ الْحُسَيْنُ هَذَا، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ قَدْ كَفَلا الْحَسَنَ الَّذِي حدَّ، فَتَغَيَّبَ الْحَسَنُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَطَلَبَهُمَا الأَمِيرُ، فَقَالَ: أَيْنَ الْحَسَنُ؟ قَالا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي، إِنَّمَا غَابَ مِنْ يَوْمَيْنِ، فَأَغْلَظَ لَهُمَا، فَحَلَفَ يَحْيَى أَنَّهُ لا يَنَامُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهِ، أَوْ يَرُدَّ الْخَبَرَ، فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا دَعَاكَ إِلَى الْيَمِينِ؟ وَمِنْ أَيْنَ نَجِدُ الْحَسَنَ؟ قَالَ: فَنَخْرُجُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: فَيُكْسَرُ بِخُرُوجِنَا اللَّيْلَةَ، مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَصْحَابِنَا مِنَ الْمِيعَادِ، قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ وَقَدْ كَانُوا تَوَاعَدُوا عَلَى الْخُرُوجِ بِمِنًى فِي الْمَوْسِمِ٣.

وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مِنْ شِيعَتِهِمْ، وَمِمَّنْ بَايَعَ لَهُمْ مُخْتَفِينَ فِي دارٍ، فَمَضَوْا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ خَرَجُوا، وَأَقْبَلَ يَحْيَى حَتَّى ضَرَبَ دَارَ الأَمِيرِ بِالسَّيْفِ، فَلَمْ يَخْرُجْ وَكَأَنَّهُ عَلِمَ بِأَمْرِهِمْ، فَاخْتَفَى، فَجَاءُوا وَاقْتَحَمُوا الْمَسْجِدَ وَقْتَ الصُّبح، فَجَلَسَ


١ تاريخ الطبري "٨/ ١٩٠".
٢ تاريخ الطبري "٨/ ١٩٢-١٩٣".
٣ تاريخ الطبري "٨/ ١٩٣".