للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَقْتُولِ لما قدم عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَفَرَّقَهَا فِي النَّاسِ بِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ، فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلا وَعَلَيْهِ فَرْوٌ وَمَا تَحْتَهُ قَمِيصٌ، وَكَانَ يَسْتَقْرِضُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ مَوَالِيهِمْ مَا يُمَوِّنُهُمْ١.

قَالَ النَّوفلي: وَحَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ قَالَ: صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فِي يَوْمِ خُرُوجِ الْحُسَيْنِ صَاحِبِ فَخٍّ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى بِنَا، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ أَبْيَضُ، وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ، قَدْ سَدَلَهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ قُدَّامَهُ، إِذْ أَقْبَلَ خَالِدٌ الْبَرْبَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ، فَبَدَرَهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَشَدَّ عَلَيْهِ خَالِدٌ، فَضَرَبَهُ يَحْيَى فَقَتَلَهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ رَجَعَ يَحْيَى فَقَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ، وَسَيْفُهُ يَقْطُرُ دَمًا، فَقَالَ الْحُسَيْنُ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا ابْنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ منبر رسول الله، يدعوكم إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ أَفِ بِذَلِكَ فَلا بَيْعَةَ لِي فِي أَعْنَاقِكُمْ٢.

وَيُقَالُ: إِنَّ يَقْطِينَ بْنَ مُوسَى لَمَّا قَدِمَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْهَادِي قال: كأنكم والله جئتم برأي طاغوت، إن أقل ما أجزيكم أَنْ أَحْرِمَكُمْ جَوَائِزَكُمْ، فَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا٣.

ثَوْرَةُ ابن مغصّب بصعيد مصر:

فيها ثَارَ بِالصَّعِيدِ دِحْيَةُ بْنُ مُغَصَّبٍ الأُمَوِيُّ، وَقَوِيَتْ شكوته، ثُمَّ قُتِلَ بِمِصْرَ لِسَنَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ.

الْعُمَّالُ عَلَى الأَمْصَارِ:

وَفِيهَا كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، وَعَلَى مَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُثَمَ، وَعَلى الْيَمَنِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، وَعَلَى الْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ سُوَيْدٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعَلَى الْكُوفَةِ مُوسَى بْنُ عِيسَى، وَعَلَى الْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلَى جُرْجَانَ حَجَّاجٌ مَمْلُوكُ الْهَادِي، وَعَلَى قُومِسَ حَسَّانٌ وَعَلَى طَبَرِسْتَانَ صَالِحُ بْنُ شَيْخِ بْنِ عُمَيْرَةَ الأَسَدِيُّ، وَعَلَى إِصْبَهَانَ طَيْفُورٌ مَمْلُوكُ الْهَادِي، وَعَلَى بَاقِي الْمَدَائِنِ نُوَّابٌ ذُكِرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقْتَ وِلايَتِهِمْ٤.


١ تاريخ الطبري "٨/ ١٩٩-٢٠٠".
٢ تاريخ الطبري "٨/ ٢٠٠-٢٠١".
٣ تاريخ الطبري "٨/ ٢٠٣".
٤ تاريخ الطبري "٨/ ٢٠٤".