قَالَ: بَلْ زِنْدِيقٌ.
قَالَ: لِلزِّنْدِيقِ عَلامَاتٌ بِتَرْكِهِ الْجَمَاعَاتِ، وَجُلُوسِهِ مَعَ الْقِيَانِ١، وَشُرْبِهِ الْخَمْرِ.
فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ.
قَالَ: ابْتَلاكَ اللَّهُ بِمُهْجَتِي.
قَالَ: أَخْرِجُوهُ.
فَأُخْرِجَ، فَجَعَلَ الْحَرَسُ يُشَقِّقُونَ ثِيَابَهُ وَخَرَّقُوا قَلَنْسُوَتَهُ.
قَالَ نَصْرٌ: فَقُلْتُ لَهُمْ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ الْمَهْدِيُّ: دَعْهُمْ.
أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَلِيمٍ الأَوْدِيُّ: أَنَا أَبِي قَالَ: كَانَ شَرِيكٌ الْقَاضِي لا يَجْلِسُ لِلْحُكْمِ حَتَّى يَتَغَدَّى وَيَشْرَبَ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ نَبِيذًا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُخْرِجُ رُقْعَةً، فَيَنْظُرَ فِيهَا ثُمَّ يَدْعُو بِالْخُصُومِ.
وَقِيلَ لابْنِهِ عَنِ الرُّقْعَةِ، فَأَخْرَجَهَا إِلَيْنَا فَإِذَا فِيهَا: يَا شَرِيكٌ! اذْكُرِ الصِّرَاطَ وَحِدَّتَهُ، يَا شَرِيكٌ! اذْكُرِ الْمَوْقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى.
قِيلَ: إِنَّ شَرِيكًا دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ فقال: لا بد مِنْ ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تَلِيَ الْقَضَاءَ، أَوْ أَنْ تُؤَدِّبَ وَلَدَيَّ وَتُحَدِّثَهُمْ، أَوْ أَنْ تَأْكُلَ عِنْدِي أَكْلَةً. فَفَكَّرَ سَاعَةً فَقَالَ: الأَكْلَةُ أَخَفُّ عَلِيَّ.
فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِعَمَلِ أَلْوَانٍ مِنَ الْمُخِّ الْمَعْقُودِ بِالسُّكَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, فَأَكَلَ.
فَقَالَ الطَّبَّاخُ: لَيْسَ يُفْلِحُ بَعْدَهَا.
قَالَ: فَحَدَّثَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَّمَهُمُ الْعِلْمَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ.
وَلَقَدْ كُتِبَ لَهُ بِرِزْقِهِ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ فَضَايَقَهُ فِي النَّقْدِ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَبِعْ بِهِ بَزًّا.
فَقَالَ شَرِيكٌ: بَلْ وَاللَّهِ، بِعْتُ بِهِ دِينِي.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ أَبَا تَوْبَةَ يَقُولُ: كُنَّا بِالرَّمْلَةِ فَقَالُوا: مَنْ رَجُلُ الأُمَّةِ.
١ أي المغنيات.