للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ قَالَ لَنَا: فَمَا كَلَامُكُمُ الَّذِي تَقُولُونَهُ حِينَ تَفْتَتِحُونَ الْمَدَائِنَ؟ قُلْنَا: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ"؛ قَالَ: تَقُولُونَ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" لَيْسَ مَعَهُ شَرِيكٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَتَقُولُونَ "اللَّهُ أَكْبَرُ" أَيْ لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، لَيْسَ فِي الْعَرْضِ وَالطُّولِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَسَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَأَمَرَ لَنَا بِنُزُلٍ كَثِيرٍ وَمَنْزِلٍ، فَقُمْنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَأَتَيْنَاهُ، وَهُوَ جَالِسٌ وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا، فَاسْتَعَادَنَا كَلَامَنَا، فَأَعَدْنَاهُ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الرّبعة العظيمة مُذَهَّبَةً، فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا بُيُوتٌ مُقْفَلَةٌ، فَفَتَحَ بَيْتًا مِنْهَا، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ خرقَةَ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ.

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ. وَفِيهِ: فَاسْتَخْرَجَ صُورَةً بَيْضَاءَ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّمَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ حَيًّا، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: هَذِهِ صُورَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهَ بِدِينِكُمْ إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، اللَّهَ بِدِينِنَا إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ، فَوَثَبَ قَائِمًا، فَلَبِثَ مَلِيًّا قَائِمًا، ثُمَّ جَلَسَ مُطْرِقًا طَوِيلًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ فِي آخِرِ الْبُيُوتِ، وَلَكِنِّي عَجَّلْتُهُ لِأُخْبِرَكُمْ وَأَنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ، ثُمَّ فَتَحَ بَيْتًا، فَاسْتَخْرَجَ خِرْقَةً مِنْ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ سَوْدَاءُ شَدِيدَةُ السَّوَادِ، وَإِذَا رَجُلٌ جَعْدٌ قَطَطٌ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ، مُخْتَلِفُ الْأَسْنَانِ، حَدِيدُ النَّظَرِ كَالْغَضْبَانِ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذِهِ صُورَةُ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَذَكَرَ الصُّوَرَ، إِلَى أَنْ قَالَ: قُلْنَا: أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الصُّوَرِ، قَالَ: إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ أَنْبِيَاءَ وَلَدِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ صُوَرَهُمْ، فَاسْتَخْرَجَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ خِزَانَةِ آدَمَ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَصَوَّرَهَا دَانْيَالُ فِي خِرَقِ الْحَرِيرِ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَوَارَثُهَا مَلِكٌ بَعْدَ مَلِكٍ، حَتَّى وَصَلَتْ إِلَيَّ، فَهَذِهِ هِيَ بِعَيْنِهَا.

فَدَعَوْنَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ نَفْسِي سَخَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِي وَاتِّبَاعِكُمْ، وَأَنِّي مَمْلُوكٌ لِأَسْوَأِ رَجُلٍ مِنْكُمْ خَلْقًا وَأَشَدِّهِ مِلْكَةً، وَلَكِنَّ نَفْسِي لَا تَسْخُو بِذَلِكَ. فَوَصَلَنَا وَأَجَازَنَا، وَانْصَرَفْنَا١.


١ إسناده ضعيف: عبد الله بن مصعب ضعيف كما في "الميزان" "٤٦٠٩".