للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سليمان، فامتنع وَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ.

قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا ارْتَفَعَ مِثْلَ مَا ارْتَفَعَ مَالِكٌ، مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَثِيرُ صَلاةٍ، إِلا أَنْ تَكُونَ لَهُ سَرِيرَةٌ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكٍ كَالصَّبِيِّ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ.

وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: سَأَلَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَشْيَاءَ ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَعْقَلُ النَّاسِ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ النَّاسِ.

قُلْتُ: لا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ تَكْتُمُ. وَاللَّهِ لَوْ بَقِيتُ لأَكْتُبَنَّ قَوْلَكَ كَمَا تُكْتَبُ الْمَصَاحِفُ، وَلأَبْعَثَنَّ بِهِ إِلَى الآفَاقِ، فَأَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ.

حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَكَتَبْتُ بِهَا ثُمَّ قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: عَمَّنْ كَتَبْتَ؟ أَكَتَبْتَ عَنْ مَالِكٍ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ جِئْنِي بِمَا كَتَبْتَ عَنْهُ.

فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَدَعَا بِقِرْطَاسٍ وَدَوَاةٍ، فَجَعَلْتُ أُمِلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَكْتُبُ. وَقَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا حُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ الْمَهْدِيُّ فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، أَوْ قَالَ: بِثَلاثَةِ آلافِ دِينَارٍ.

قَالَ قُتَيْبَةُ: كُنَّا إِذَا دَخَلْنَا عَلَى مَالِكٍ خَرَجَ إِلَيْنَا مُكَحَّلا مُزَيَّنًا مُطَيَّبًا قَدْ لَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ تَصَدَّرَ فَدَعَا بِالْمَرَاوِحِ، فَأَعْطَى لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنَّا مَرْوَحَةً.

ابْنُ سَعْدٍ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ وَالْجُمُعَةَ وَالْجَنَائِزَ، وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيَقْضِيَ الْحُقُوقَ، وَيَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ يُصَلِّي وَيَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَتَرَكَ شُهُودَ الْجَنَائِزِ فَكَانَ يَأْتِي أَصْحَابَهَا فَيُعَزِّيهِمْ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّى تَرَكَ الْجُمُعَةَ.

وَاحْتَمَلَ النَّاسُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَكَانُوا أَرْغَبَ مَا كَانُوا فِيهِ وَأَشَدَّهُ لَهُ تَعْظِيمًا، حَتَّى مَاتَ عَلَى ذَلِكَ.

وَكَانَ رُبَّمَا كُلِّمَ فِي ذَلِكَ فيقول: ليس كل واحد يقدر أَنْ يَتَكَلَّمَ بِعُذْرِهِ.